في أحد الأيام كنت أراجع أحد البنوك وبينما كنت مشغولاً في إتمام الإجراءات وإذا بشخص تبدو عليه علامات الفقر الشديد وحكمت عليه من خلال ملابسه المتسخة وشماغه المتقطع وأسلوب كلامه وطريقة سلامه حيث أنه قام بالسلام على نصف المراجعين والموظفين بالبنك حتى إني احسست بالشفقة عليه عندما رأيت الناس من حولي والموظفين وهم يكتمون ابتساماتهم عليه مع بعض التعليقات التي لا تكاد تسمع. أحسست أنه من واجبي مساعدته بما لدي فقمت بأخذ المحفظة من جيبي وأخرجت منها مبلغا بسيطا في انتظار أن يمر بي ذلك الرجل المسكين وإذا بالموظف يقول لي ماذا تنوي أن تفعل قلت الرجل مسكين ويستحق أن يعطف عليه أحد بدلاً من أن تستخفوا به فقال لي الموظف نحن لسنا أقل منك إنسانية وأن ما يضحكنا ليس ما يرتديه ذلك الهرم وإنما نضحك على وضع ذلك الرجل وقال أتعلم أن هذا الرجل المسكين الذي تعاطفت معه يملك ملايين الريالات وأنه يأتي كل يوم بنفس هذا الوقت ليعرف كم لديه في حسابه فأصبت بالدهشة ولم أعلق بل تركت الموظف يكمل القصة فقمت بوضع المال في مكانه واخذت أفكر به لماذا وصل به الحال إلى هذا الحد لماذا اهان نفسه من أجل جمع المال ولماذا يأتي كل يوم ليعرف ويتأكد من حسابه لمن يجمع هذا المال وماذا حصد من وراء جمعه المال ونحن نعلم ونؤمن بأن العمر بيد الله ولكن من يراه يرى أن الموت يدنو منه كظله وهل فكر هذا الهرم لو جزمنا بأن من يعولهم مثله بأنه سيورث التفرقة وحب المال بدلا من حبهم وتكاتفهم لبعضهم ألا يعلم هذا الهرم أن أبناءه من بعده والذين عاشوا الحرمان أن تلك الملايين قد تفرقهم ألا يعلم هذا الهرم أن ما يجمعه لن ياخذه إلى آخرته فهل يعلم أن ما يفعله جرم في حق نفسه وحق أبنائه والذي يحرم أولاده من حلاله يحرم المستحقين من الفقراء من ماله فماذا فعلت لك أموالك ليس ما لديك نعمة بل نقمة نسأل الله العافية. @@ خالد سعد الخميس