عزيزي رئيس التحرير تحاور القوم, تجاوبوا وتراجعوا الكلام بينهم هذا ما جاء في القاموس المحيط لتعريف مفهوم الحوار, ومن هنا نفهم ان الحوار لابد أن يكون بين شخصين او أكثر بهدف التواصل وتبادل الافكار والمشاعر والخبرات, اذا الحوار هو الرأي والرأي الاخر, فحينما يتم قبول الاخر والاستماع اليه ومناقشته بنية صادقة فان النتائج مضمونة والفوائد جمة, وسوى ذلك مضيعة للوقت والمال. وما احوج العالم هذا اليوم للحوارات ولكن الحكم المسبق عليها بالفشل يزويها الى حين. لذا فانا لن اتطرق هنا الى حوار الحضارات ولا الى حوار الاديان ولم اتحدث عن ضرورة حوار اسلامي اسلامي ولا حتى عربي عربي لأن كل تلك الحوارات تبدأ من خلال الفكر والثقافة ثم تسيس شيئا فشيئا, لتناقش خلف كواليس السياسة وفي مؤتمرات الدبلوماسية وهذا مجال لا افقه فيه. لذا سأدع هذه الحوارات لاقلامها وصحفها وسأخوض مع القارئ في حوار لا يقبل التسييس ابدا ولا يختلف فيه اثنان, وهو حوار الاب مع ابنائه, هذا الحوار المفقود, والذي كل منا يتوق اليه لكن معظمنا يخفق في الحصول على نتائجه المرجوة لأسباب عدة, نستطيع معرفتها بطرح بعض التساؤلات. فهل نحن نحاور ابناءنا وفق المفهوم التربوي السليم للحوار؟ أم أن ما بيننا وبينهم صمت مطبق او صراخ مدو؟!! أليس حري بنا نحن الاباء ان نطور من لغة الحوار واساليبه مع ابنائنا .. أليس من واجبنا تجاههم ان نربيهم تربية سليمة؟ اليس من حقهم ان نهتم بقضاياهم ونقدر مشاعرهم ونستمع اليهم ونلبي احتياجاتهم وطلباتهم الممكنة. اليست مناقشتهم بمنطقية تقرب بيننا وبينهم؟ أليس استخدام روح الدعاة يخفف من توترنا وتوترهم؟ أليس من الافضل لنا ولهم ان نعبر عن غضبنا بطريقة هادئة وبناءة؟ هل هذه المفاهيم ينهانا عنها دين أو منطق؟ أليس عكس ذلك يولد حالة من الجو المتكهرب وتوتر الاعصاب والاضطراب النفسي وضمور الشخصية وتوطين الحقد والكراهية؟ البعض منا يتكلم امام ابنائه لا معهم, مستخدما عضلاته القوية او سلطته الابوية ليطلب منهم ان يتكلموا وهو يصرخ في وجوههم, فانا لهم ذلك!! الكثير منا يستخدم لغة التوبيخ والتقريع والوعيد والتهديد ويقيم لابنه قيامة في الدنيا قبل الاخرة وكانه ارتكب كل جرائم الدنيا وموبقاتها بخطئه البسيط. الا ينبغي لنا أن نهدئ من روعنا, وان لا نعظم صغائر الامور وان نلجأ الى الحوار الهادف الذي يدعم النمو النفسي والفكري والاجتماعي لشخصية الابن. هل من الصعب علينا أن نستخدم الكلمات الرقيقة والالفاظ الحسنة التي تحمل في طياتها من المعاني التربوية ما يكفل صلاح الابن واستقامته, هل نخشى الله في ابنائنا الذين سنسأل عن تربيتهم يوم القيامة وهل نفعل ما يجعلهم رجالا اقوياء اسوياء كثيرا ما نبخل عليهم بفعل حتى ابسط الاشياء, وهي القبلة التي لا تكلفنا شيئا, فالقليل منا من يقبل ابناءه دونما مناسبة, وهل هذا في اصول التربية الا جفاء وكبت لمشاعر الحب والعطف على الابناء. يروى عن ابي هريرة (رضي الله عنه) انه قال: قبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحسن بن علي وعنده الاقرع بن حابس التميمي جالسا فقال الاقرع: ان لي عشرة من الولد ما قبلت منهم احدا, فنظر اليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: (من لا يرحم لا يرحم) صحيح البخاري. ليعبر رسول الانسانية عن القبلة بانها الرحمة النازلة على قلب الابن, هكذا يربينا ديننا الحنيف, هكذا يريدنا ان نزرع الرحمة والطمأنينة في قلوب ابنائنا. أوليس ذلك ما نتمناه ونصبو اليه؟ أليس كل منا يتمنى ان يعيش ابناؤه خيرا من عيشته؟ اليسو هم اكبادنا تمشي على الارض؟ اليسوا هم زينة الحياة الدنيا وحبها الحقيقي؟ قال أب يصف حبه لأولاده: أحبهم لأنني احب نفسي وهم بعض نفسي, بل انهم عندي لخير ما في نفسي, وهم عصارة قلبي, وحشاشة كبدي, واجمل ما يترقرق في صدري. @@ علي السلطان