يؤدي الموظف أو العامل الدور المطلوب منه أو الواجبات الموكلة له، ويعطي في مجال عمله، إذا توافرت من حوله العوامل التي تساعده على العطاء والاستمرار بنفس الحماس. وهذه العوامل كثيرة، منها حصوله على كامل حقوقه المادية والمعنوية، أو على الأقل غالبيتها مثل الترقيات، الدورات، الانتدابات، تقديم الثناء له عندما يجتهد في أداء الأعمال الموكلة إليه، كذلك تحري مبدأ المساواة والعدالة بين الموظفين داخل المنشأة، أيضا فهم الموظف الجيد للأنظمة واللوائح التنظيمية للعمل، ويتأتى ذلك من خلال الدورات التدريبية، أيضا تكيفه مع بقية زملائه في العمل، إضافة إلى استقراره النفسي والأسري. وعدم توافر هذه العوامل، أو أحدها، قد يؤدي إلى ظهور الإحباط لدى الموظف، وهذا يؤثر سلبا على الأداء الوظيفي، ويلاحظ هذا الشعور لدى الموظف، من خلال انعكاس ذلك على أدائه وتعامله مع زملائه، وأيضا مع المراجعين، إذا كان عمله يختص بالاتصال مع الجماهير، كذلك يفرز الإحباط كثرة الاستقالات، وتفشي ظاهرة التأخير في الحضور للدوام، أيضا تأخير إنجاز المعاملات. (اليوم) استطلعت آراء عدد من الموظفين، ممن أصيبوا بالإحباط الوظيفي، ليرووا تجربتهم، وأسباب تعرضهم للإحباط. إحباط بسبب البند يقول موظف حكومي يعمل على بند الأجور: كثير من الخريجين الجامعيين يشغلون وظائف على بند الأجور، وأنا أحدهم، حيث إنني اعمل على وظيفة على البند بمرتب متدن، مع وجود مسئوليات عائلية، وكذلك مسئوليات في العمل تتساوى مع مسئوليات موظفي المراتب الحكومية، فلماذا لا يتم تحويل وظائف بند الأجور إلى وظائف مراتب، تتناسب مع مؤهلات شاغليها، لتحقيق مبدأ المساواة. وأنا أناشد المسئولين وأطالبهم بتغيير وظائف البند إلى وظائف مراتب رسمية.. متسائلاً: ألسنا موظفين رسميين، ويحسم من مرتباتنا 9 بالمائة؟، وهذا ما ينطبق على الموظف العادي، حيث إننا نقوم بأعمال تفوق عمل الموظف الرسمي، ونتحمل مسئوليات كبيرة، فلماذا لا يتم تحوير وظائفنا بنفس أرقام وظائفنا، التي نعمل بها الآن ما المانع لذلك؟ حرمان من الترقية موظف آخر يقول: حرمت من الترقية لسنوات طويلة، رغم توافر جميع الشروط لها، لذا أصبت بالإحباط، خصوصاً ان بعض زملائي في الجهات الأخرى وصلوا لمراتب تفوقني كثيراً، فهل ذنبي أنني أسأت الاختيار، فلو كان التجميد يشمل الجميع لهان الأمر، وهذا مما انعكس على أداء عملي بالسلبية. المساواة في الظلم عدل!! موظف آخر تقدم بترشيحه لشغل الوظيفة مع زملائه خريجي الجامعة منذ أكثر من 10 سنوات، وتم تعيينه وزملاؤه على وظائف في نفس المرتبة، ولا زال على نفس المرتبة التي عين عليها حتى الآن، في المقابل استفاد زملاؤه من الترقيات، ولم يتأخروا.. يقول: أنا لا احسدهم على ذلك، لكن أين المساواة في نظام الخدمة المدنية؟ لماذا تتأخر الترقيات من وزارة لأخرى، رغم أن لكل وزارة مخصصات مالية في الميزانية العامة للدولة، تغطي كافة التزاماتها؟ لماذا يحظى موظفو القطاعات الحكومية في المدن الكبرى بالنصيب الأكبر من الترقيات، أو على الأقل لا تتأخر ترقياتهم كثيرا، بينما موظفو الأطراف والمدن الصغيرة هم المظلومون والمهضوم حقهم، أو أن للواسطة تدخلا ودورا في سلب الآخرين حقا من حقوقهم الوظيفية؟ تجميد وظيفي ويشكو موظف آخر من التجميد الوظيفي.. يقول: إنه يؤدي في الكثير من الأحيان إلى ضعف إنتاجية الموظف، بسبب الإحباط الذي يتعرض له من جراء حرمانه من ابسط حقوقه الوظيفية، حتى لو كانت من الدورات التدريبية أو الانتدابات. ويطالب هذا الموظف بالعدالة الوظيفية التي تراعي حقوق الموظف، أسوة بما يطالب به من حقوق وانضباط. موظف أمضى أكثر من 12 سنة بدون ترقية، رغم توافر جميع الشروط من حيث الدورات وموافقته على تعدد خيارات مكان التعيين... يقول: أليس هذا سببا كافيا لكي أصاب بالإحباط؟! الواسطة والمعرفة موظف على بند الأجور يعاني كذلك من الإحباط، يقول: أنا وزملائي على هذا البند ممن يعانون من الإحباط، أعدادهم حدث ولا حرج، لقلة المرتب، مع القيام بالأعمال التي يقوم بها أي موظف يتمتع بمرتبة حكومية مرموقة ومرتب مقنع، بل ان الأعمال التي يقوم بها موظف بند الأجور تتجاوز مهامه الوظيفية، مقارنة بغيره. ويحكي نفس الموظف قصته: أعمل في إدارة المشاريع والصيانة، وعملي مدخل بيانات وعمل مقايسات ونسخ الخطابات على جهاز الحاسب الآلي، بالإضافة إلى القيام بالأعمال الإدارية الأخرى، حسب توجيه المدير المباشر، وبهذا لابد من قيامي بجهد مضاعف، لسبب انه لا يوجد ناسخ في القسم غيري، أضف إلى ذلك أنني أقوم كذلك بطباعة خطابات الأقسام المجاورة، كتعاون مني، بحكم الزمالة في العمل، رغم كل ما تقدم فوجئت برفض أي طلب أتقدم به، حتى لو كان بسيطا.. يضيف: أكملت سنتين ونصف السنة، وطلبت النقل عن الإدارة التي اعمل بها، لظروف مرت بي، لكنني فوجئت برفض طلبي رفضا قاطعا، وفي المقابل قبل طلب موظف آخر لا يقارن بقدراتي واجتهادي في عملي، وتم قبول طلبه ليس بسبب قدرته، وإنما هي الواسطة والمعرفة فقط.. ويتساءل: الا يكون ذلك سببا مقنعا في إصابتي بالإحباط النفسي؟! لابد ان ينعكس هذا سلبا على أدائي الوظيفي، التمييز والتفرقة في المعاملة أدت بي إلى التقدم بطلب إعفائي من العمل على جهاز الحاسب الآلي، خصوصا أنني لا أتقاضى بدلا لذلك، لما سببه لي من حساسية شديدة في العينين، لم يوافقوا على ذلك، وطلبوا مني تقريرا طبيا من المستشفى، كل هذه الأسباب تؤدي بالموظف الذي يعمل على سلم المراتب الحكومية للإحباط الشديد، فما بالك إذا كان هذا الموظف على بند الأجور، ويتقاضى مرتبا متدنيا جدا، لا يتناسب مع أدائه لواجباته الوظيفية.؟ أجانب يطفشون السعوديين موظف آخر يحمل المؤهل الثانوي وشهادات حاسب آلي، يعمل في القطاع الخاص، يقول: عملت في اكثر من شركة (قطاع خاص)، ولكن لم أجد البيئة المناسبة للعمل، ولم أجد تقديرا للشاب السعودي، بداية عملي التحقت بشركة في مطار الملك خالد الدولي بالرياض للخدمات الأرضية للطائرات الأجنبية، بمرتب 2500 ريال، وكان المدير المباشر غير سعودي، أو بالأصح غير عربي، كذلك نائب مدير المحطة، وكان اثر من 70 بالمائة من موظفي الشركة من أبناء جلدة المدير ونائبه، رغم اجتهادنا، وما كنا نقوم به من اجتهاد بحق وإخلاص أنا وزملائي السعوديين، فنحن غير مرغوب فينا، وتقاريرنا التي ترفع لم تكن مرضية، لا لشيء، ولكن كي لا نأخذ مكانهم في العمل ويطردون، وكان من وسائل التطفيش التي استخدمت ضدنا وضع الشباب السعودي في جداول العمل السيئة والتوقيت السيئ، حتى يكرهوا العمل، ويخلو لهم الجو، بل كان المتميز منا في عمله هو الذي يتم التركيز عليه، حتى لا يأخذ مكان أحد المديرين الأجانب.. ويضيف: للأسف رضخت لرغبتهم وما خططوا له، وتركت العمل بعد عدة أشهر، وبعد فترة ليست بالطويلة ذهبت للمطار لزيارة زملائي من الشباب السعوديين في الشركة ففوجئت بعدم وجود أي منهم، وعرفت انهم طفشوا من العمل، الواحد تلو الآخر، وهكذا تدور العجلة، ويأتي شباب سعوديون طموحون للعمل محتاجون له، ويقبلون بمرتبات متدنية، لكنهم يجدون ما وجدنا نحن. المدير ابن عمه يضيف الشاب: بعدها حصلت على عقد في شركة أخرى، مقر عملها في إحدى الوزارات، وكنت سعيدا جدا، عملت بجد وإخلاص وأصبحت أتلقى الإشادات من مديري المباشر التابع للوزارة، وكانت الإشادات الدافع لي لبذل المزيد، ووصل بي الحال ان اكثر من مدير إدارة طلب انتقالي لإدارته، لكنني بقيت بسبب ما أجده من تقدير وثناء من مديري المباشر، لكن بعد فترة اطلعت على عقد أحد زملائي في الإدارة وبوظائف الشركة يستلم ضعف راتبي، وعمله اقل مما أقوم به بكثير، بل انه لا يحضر إلا نصف الدوام الرسمي، هذا إذا حضر للدوام، ويعود الظلم وعدم المساواة لأن مدير الإدارة أحد أقربائه، بل ان ما يزيد الطين بلة ان هناك زملاء من جنسيات عربية يتقاضون رواتب أعلى من رواتبنا، وعملهم لا يختلف عما نقوم به.. فأين العدالة يا شركات القطاع الخاص؟ أنظمة بالية ويقول موظف آخر من جدة: أنا أحد المتضررين من المحسوبية والمزاجية التي تعم كافة الدوائر الحكومية، أتسائل: ما السبب الرئيس في هذا "التهميش" والتقريب هنا بشكل متعاكس؟ فهذا لا يخدم الوطن، لا من قريب ولا من بعيد، وبحكم أني واقع في ذات المشكلة، فإني أرى أن السبب لا يعود فقط للمزاجية، ولا للمحسوبية، ولكن ذلك عائد بدرجة كبيرة لنظام "الخدمة المدنية"، الذي مضى على صدوره 35 عاماً، فلم يتغير أو يتجدد من ذلك التاريخ، مما جعل الموظف الكفء المجتهد، يشعر باليأس والإحباط، خاصة وهو يرى غيره من الكسالى غير الأكفاء، يتسنمون هرم القيادات الوظيفية حوله، فتتردى بسببهم أجهزتهم، وتتزايد الشكاوى يوماً بعد يوم. وفي اعتقادي، فإن الوقت قد حان، لتغيير هذا النظام بما يتماشى مع روح العصر، وتوسع النظريات العلمية والإدارية، التي يأخذ بها كثير من البلدان المتقدمة وتنفذها.