عزيزي رئيس التحرير استوقفني ذات مرة موقف طريق مع أحد الأصدقاء حينما أجبره أبوه على دخول كلية الطب البيطري من منطلق مساعدته على رعاية وعلاج المواشي التي كان أبوه مولعاً بها وبشرائها .. فعمد الابن أثناء دراسته في هذه الكلية إلى إزهاق عدد من الأغنام والخرفان عن سبق إصرار وتعمد نكاية بأبيه الذي أرغمه على شيء لا يرغب فيه ولا يجد ميولا تجاهه .. فلاحظ ذاك الأب المتعسف بحق ابنه تناقص تلك الماشية شيئا فشيئا إلى أن عرف حقيقة هذا اللغز فباع الأب ماشيته وفشل الابن في دراسته في هذه الكلية فشلا ذريعاً وخلاصة ذلك أن هناك أطفالا أو شبابا ينمون وهم بحالات عصبية بسبب تعسف الآباء وتشددهم بمناسبة أو في غير مناسبة ويشعرون في قرارة أنفسهم بالحطة والمذلة دائما لا سيما أن بعض الآباء يحاولون فرض سلطتهم وتعسفهم على الأبناء الشباب بغرور وتكبر وتعال ويتعاملون مع أبنائهم الشباب ذكوراً وإناثاً كتعاملهم معهم في مرحلة الطفولة، كالتحدث إليهم بلهجة آمرة وعنيفة وقاسية تحطم شخصياتهم وتنال منهم والتحدث إليهم بكلمات بذيئة والإساءة لهم فهناك من الآباء على سبيل المثال لا الحصر يوقع الأب المتكبر والمتعالي أن يلتزم جميع أفراد الأسرة بالهدوء عند نومه احتراماً له ، ولا يحق لأي كان أن ينطق بحرف أو يرفع صوتاً كي يتمتع بنوم هانئ، وراحة تامة .. وإذا صادف أن صرخ طفل أو ارتطم باب لهبوب الرياح أو سقط شيء على الأرض وهب من نومه فسيقيم الدنيا ويقعدها ويقرع جميع من في المنزل وينال منهم .. لكن الأهمية من وجهة نظرهذا الأب لراحة الآخرين فيعطي لنفسه الحق عند خلود أفراد الأسرة للنوم للصراخ وغلق الأبواب كما يشاء وإيقاظهم من النوم دون أن يملك أحد الحق في الاعتراض .. وهناك من الآباء من لا يحتمل وتضيق نفسه عندما يرى ابنه يناقشه في أمر ما حتى لو كان ذلك من صميم مستقبل ذلك الابن في اختيار شريكة حياته، أو التخصص العلمي الذي يريده .. فما على الابن عند هذا الأب المغرور إلا أن يقول (نعم .. حاضر .. تحت أمرك .. سمعا وطاعة يا أبي) وهناك من الآباء لو اختلف معهم أبناؤهم في قضية ما أشرع لسانه بالمن والأذى وأخذ يعاير ابنه حتى على لقمة عيشه فضلاً عن أنه هو الذي رباه وصرف عليه وما إلى ذلك .. وفي المقابل ترى هذا الأب المتعالي لا يغفر للأولاد تصرفاتهم ويضخم أي خطأ ويعاقب عليه دون رحمة لكنه يستصغر ممارساته القبيحة وأعماله الشائنة ولا يسمح لأحد بأن يحتج عليها أو أن ينصحه حولها... وختاما .. أقول لهؤلاء الآباء أن يعودوا إلى رشدهم وهجران مثل هذه التصرفات المرفوضة وطرد فكرة التعالي والغرور واحترام شخصيات أبنائهم ومعاملتهم معالمة الصديق الحميم والمستشار المؤتمن. @@ علي عبد المحسن السويق