اختلف النقاد في توصيفهم لفيلم محمد هنيدي الأخير "فول الصين العظيم".. البعض اعتبره قفزة لبطله من الانحدار، والآخر رأى أنه استمرار للهبوط والأفكار السطحية.. ومن اختلافهما جاء هذا الاستطلاع: قصة الفيلم (محيي الشرقاوي) شاب مصري نشأ بين جده العتيد الإجرام، ووالدته الراقصة، يتعرض لظروف قاسية تضطره إلي السفر للصين للمشاركة في مسابقة دولية للطهي، وهناك يقع في غرام مترجمته الصينية وتحدث المفاجأة بفوزه بعشرين ألف دولار قيمة المركز الأول في المسابقة، وينجح في نفس الوقت في الحصول على موافقة أسرة الفتاة الصينية بالزواج منها. السطور السابقة تمثل خلاصة الأحداث التي يدور حولها فيلم "فول الصين العظيم" ل "محمد هنيدي" سيناريو وحوار أحمد عبدالله، قصة وإخراج شريف عرفة، الذي بدأ عرضه منذ أيام وحقق مليوني جنيه في أسبوع عرضه الأول.. "اليوم" وضعت الفيلم بين أيادي مجموعة من النقاد لتشريحه سينمائياً من خلال قراءات نقدية مختلفة. فكرة جديدة الناقدة ماجدة موريس ترى أن الفيلم يقدم كوميديا مختلفة بفكرة جديدة خاصة أن أحداثه تدور في الصين. بلد بعيد تماماً بحضارة ثانية يتم تقديمها برؤية سينمائية خاصة، والفيلم يعد الأفضل علي الساحة مقارنة ببقية الأفلام، وبالطبع يعود ذلك إلى شريف عرفة، فهو مخرج فنان، وموهوب، شديد العناية بكل أفلامه، ورؤيته السينمائية دائماً طموحة، وقد حدث ذلك مع النجم الراحل "علاء ولي الدين" وقبله عادل إمام، فشريف عرفة قادر على إضفاء لمسة خاصة على أداء أي فنان يتعامل معه، وفي هذا العمل نجد محمد هنيدي يترك مساحات كبيرة لممثلين آخرين للعمل والظهور معه. وتضيف ماجدة: الفيلم يتشابه مع فيلم "همام في امستردام" في فكرة الذهاب إلى بلد خارجي لكن في "فول الصين العظيم" وجدناه يذهب مجبراً إلى الصين وكان هناك اهتمام بإبراز الكثير من الجوانب، بالمجتمع الصيني عكس فيلم "همام في امستردام" الذي قدم معالجة رأيناها من قبل في فيلم "النمر الأسود" لأحمد زكي وغيره وتتمثل في البحث عن فرصة عمل لتغيير مجرى حياته والوصول إلى مستوى اجتماعي أفضل، إضافة إلى أن "همام" اهتم بالعرب وتوحدهم أكثر من التركيز على المجتمع الهولندي. سيناريو فوق الشبهات الناقد مصطفى درويش أشار إلى أن الفيلم ينتمي لنوعية الأفلام النظيفة الخالية من القبلات والألفاظ الغليظة، والفيلم يتناول شابا تبدو تصرفاته غريبة لأنه نشأ في عائلة مجرمين، فجده وأعمامه الثلاثة يحاولون اقتياده لعالم الإجرام وعندما يفشل نجده يذهب للعيش مع والدته التي تعمل راقصة، وتقود مجموعة من (العوالم) ومع ذلك نجده طيب القلب يرفض الجريمة، لكنه في نفس الوقت جبان يخاف من خياله، في هذا الفيلم يبدع أحمد عبدالله ويقدم سيناريو فوق الشبهات، وبالتأكيد يعود ذلك للمخرج شريف عرفة ضابط إيقاع العمل، ويعاب على عبدالله استسهاله في الكتابة وذلك لكثرة الأعمال التي يكتبها كل عام، الجزء الأول من الفيلم جميل لكن منذ السفر إلى الصين شعرت بتفاهة شديدة في الفيلم. ويرجع ذلك للقصة التي كتبها شريف عرفة، فهو مخرج وليس قاصا. وبالنسبة لمستوى الفيلم إخراجياً، فالمستوى أفضل كثيراً بالنسبة لشريف عرفة من أفلامه السابقة "الناظر"، "ابن عز"، "مافيا". أما أداء هنيدي فلا يمكن أن نقول أنه تقدم أو تراجع لكن الملاحظ أن هنيدي كبر قليلاً في السن فشعرت أنه ليس ذلك الشاب خاصة أنه تجاوز الأربعين حالياً، ويعيبه السيطرة على كل مشهد بالفيلم، فالأحداث وجوداً وعدماً تدور حوله خاصة أنه لا توجد بطلة مصرية تشاركه بالفيلم باستثناء الممثلة الصينية، وهي ليست نجمة يعرفها الجمهور المصري لكي تتم المراهنة عليها، وأخيراً فإنه كان يتعين على صناع العمل عمل دوبلاج صوتي للممثلين الصينيين بدلاً من كتابة الترجمة لأن هناك نسبة كبيرة من الجمهور الأمي الذي لا يعرف الكتابة والقراءة، إضافة إلى تشابه فكرة العمل مع فيلم "همام في امستردام" لكنه هنا خال من التوابل السياسية. مخرج متمكن الناقد طارق الشناوي أكد أن هنيدي أدرك قبل فوات الأوان أن السينما عبارة عن فيلم له رأس وجذور وليس مجرد نبت شيطاني يقوم خلاله النجم بإلقاء مجموعة من الافيهات، وعرف أن المخرج هو قائد العمل، لذلك جاء لقاؤه مع شريف عرفة بمثابة تصحيح المسار، وقد امتد تأثير عرفة إلى السيناريو خاصة أن أحمد عبدالله يقدم أفضل ما عنده في السيناريو بتعاونه مع عرفة. ورغم أن شريف عرفة قدم مناظر طبيعية غاية في الجمال وقام بتطويع كل الوسائل السينمائية العصرية في الكمبيوتر جرافيك، والخيوط التي تصعد بالممثلين إلا أنه يحسب عليه تعامله مع الفيلم وكأننا بصدد فيلمين يحركهما البطل وحده وعائلته بالقاهرة لا تظهر إلا من خلال مكالمة تليفونية مع هنيدي الموجود بالصين، إضافة إلى أن مشهد النهاية لم يصل إلى الذروة الدرامية، فبدلاً من أن يقدم مشهداً ضاحكاً تحول إلى مشهد يثير الرعب حيث إن الطائرة معرضة للسقوط، لكن بصمات عرفة كانت واضحة خلف الكاميرا، فقدم لنا مدير التصوير سامح سليم صورة رائعة تعكس سحر الصين، كذلك مونتاج معتز الكاتب الذي ضبط إيقاع المعارك بحرفية عالية، وبالنسبة للممثلين أجاد سامي سرحان بحضور متميز، ومعه سهير الباروني التي ملأت الشاشة بهجة في كل مشهد تظهر فيه. أحداث سخيفة الناقدة ماجدة خيرالله ترى أن "فول الصين العظيم" فيلم سخيف، فإذا كانت الكوميديا لا تلتزم بالمنطق لكن ليس بمثل هذا الشكل، فالفيلم منذ بدايته وحتى نهايته لم أجد سبباً مقنعاً لذهاب محمد هنيدي إلى الصين، وشعرت أن هناك مجهودا غير عادي من مجموعة الفيلم ليصلوا إلى النجاح، لكنهم غير مدركين أن النجاح لا يتطلب الذهاب للهند أو الصين، مشكلة فيلم "فول الصين العظيم" أن الجزء الأول منه يتطابق مع فيلم "غبي منه فيه" وكلاهما لنفس المؤلف أحمد عبدالله، وبعد ذلك يتم افتعال حدوتة حتى يتم سفر بطل الفيلم إلى الصين وهناك تختاره عصابة لقتل أحد الأشخاص هناك، وبعدها يحضر علبتي فول ويقوم بطهيهما ليكسب المركز الأول في المسابقة، منتهى الاستخفاف بعقل الجمهور، فالحدوتة غير منطقية ودمها ليس خفيفا، ومحمد هنيدي يصر على الظهور طوال الوقت، وفي كل مشهد خاصة أن نصف الممثلين صينيون، والنصف الآخر مصريون غير معروفين، وإخراجياً بذل شريف عرفة مجهوداً كبيراً في لا شيء، فاعتمد على مشاهد الحركة والطيران كما نراها! في الأفلام الصينية وهذا يدل على أن هناك عجزاً في الحدوتة خاصة أن هناك الكثير من السخافة في الفيلم. هنيدي أداؤه كما هو منذ أول أفلامه إلى الآن لا يشهد أي تطور، وهذا الفيلم لن يضيف شيئاً إلى هنيدي ولن يعيده إلى الأمام.