كثير من المديرين المسئولين الكبار يتصاغرون تواضعا كلما كبرت مناصبهم، ويتقلصون أدبا كلما اتسع نفوذهم، أعرف مسئولين يزدادون إنسانية في كل درجة يطلعون إليها، فلا تحب لهم إلا الدعاء بدوام الطلوع.. أما هذا المتنمر لا يستأهل نصف المكان الذي يملؤه، من عادتي أن لا أذكر من أنتقد، لأن المسألة الفردية لا تهمني، وحتى لا تكون الكتابة نوعا من الثأر حتى بغير قصد.. أو أن يظن القارئ ذلك، ولو لم يكن في النية. وأحرص على ذكر اسم أولئك الناس الجميلين أينما كانوا، وفي أي مكان كانوا.. وأرجو ألا يعتقد القارئ أن المتنمر الذي أنا في صدده اليوم هو بالضرورة مسئول حكومي، فقد يكون مسئولا في موقع آخر.. ويتعلق بخدمة الناس. أنت انتفضت على رجل عجوز في عمر جدك، ونهرته، وقلت انه النظام ، بينما يتقطع وجهك ضحكا وتقربا لرجل أطال المكوث لاصقا في مكتبك. يا رجل، لو النظام لا يحتاج عقلا وسلوكا لوضعوا جهازا بديلا عنك، وإلا ما نفع العقل ووزن الأمور إذا ومن خلال النظام.. ولكنها طبيعة المتنمر، تماما كما لاحظها راصدو السلوك البشري.. مثل كل المغرورين المتغطرسين فالمتنمر يشعر في داخله بالضعف والانكسار، يفقد الأمان في أعماق نفسه، مهتز عند الخطوب، زائغ العقل عند المفاجآت والتفاف الظروف، تنمره يغلف شخصية هشة، قلقة، خائفة، تحس دائما بالتهديد بشكل مرضي، فلا يمكنها أن تهدأ، وهذا سر بناء حصن من رمال من التعالي، تذروه أول هبة ريح. المتنمر قاس على الضعيف، مترفع على من هم أقل منه، ولكنه يتراخى أمام من هم أقوى منه، ويتأرنب، ولا يبذل قطرة حياء في إظهار التذلل.. يختار المتنمر ضحاياه ويتلذذ في إهانتهم والإساءة إلى كرامتهم لأنه يعرف حاجتهم له، ولا يعرف أن يختار من يتزلف إليه.. فلو دخل عليه متنمر آخر بسط له لسانه بساطا يسير عليه.. أقول للمتنمر عندما خرج العجوز مهانا.. فكأن المهانة قد تحولت إلى كائن بغيض هو ..أنت!