روى الإمام السيوطي في كتابه ( تاريخ الخلفاء ) أن معاوية بن أبي سفيان قال للحاضرين في مجلسه ذات يوم: أنشدوني ثلاثة أبيات لرجل من العرب كل منها قائم بمعناه ، فسكتوا إلا عبدالله بن الزبير الذي قال: بثلاثمائة ألف ( أي أنا أقولها ولي ثلاثمائة ألف درهم ). فقال معاوية : أو تستحق ذلك ؟ قال ابن الزبير : نعم ، قال معاوية : هات فأنشد : ==1== بلوت الناس قرنا بعد قرن==0== ==0==فلم أر غير ختال وقالِ==2== قال معاوية : صدقت. فقال: ==1== وذقت مرارة الأشياء طرا==0== ==0== فما طعم أمر من السؤال==2== قال : صدقت ثم قال : ==1== ولم أر في الخطوب أشد وقعا==0== ==0==وأصعب من عداوات الرجال==2== قال : صدقت ! وأمر له بثلاثمائة ألف درهم . تداعت هذه القصة الى الذاكرة بعد مكالمة مع صديق أجزم بأن في داخله ( مغناطيسا) لاستعداء الآخرين فهو في كل أحواله على صواب والآخرون هم المخطئون في حقه وفي حق أنفسهم . الأنسان لا يستطيع أن يعيش على هذه الأرض دون الآخرين ، ليسوا بالضرورة أصدقاء ، وعليه أن يوطن ذاته لأن يتحمل منهم مثلما يتحملون منه وتبقى عداوة الآخرين ، بين الرجال أو بين النساء ، تبقى خنجرا في الخاصرة وألما ومعاناة تتخللهما مكائد وحذر وخشية ردود الفعل . الخلاصة أن حياة الانسان تصبح جحيما لا يطاق . إن التعامل مع الآخرين بالأسلوب الحسن البعيد عن هضم حق أي من الطرفين هو المدخل لعلاقات إنسانية نقية تمنح الانسان طاقة لمواجهة صعوبات الحياة وتثري قائمة مستشاريه ومعارفه وإخوانه . فكيف يعيش الانسان في هذه الدنيا دون هؤلاء . أعود لصديقنا هذا وأدعوه الى محاسبة نفسه قبل أن يحاسب الآخرين وأنا متأكد من أنه إن كان قد فقد عينا فقد يكونون قد فقدوا بسببه عينين اثنتين . همسة ود: النفس أدنى عدو أنت حاذره والقلب أعظم ما يبلى به الرجل