اعتبرت دراسة اقتصادية متخصصة ان ظاهرة الازمات المالية في الدول النامية هي ظاهرة مثيرة للقلق وجديرة بالاهتمام نظرا لاثارها الحادة والخطيرة على الاستقرار الاقتصادي والسياسي فيها وفي الدول المتقدمة. وقالت الدراسة التي حملت عنوان ظاهرة الازمات المالية في الدول النامية التي اصدرها المعهد العربي للتخطيط ان ثلثي الدول الاعضاء في صندوق النقد الدولي تعرضت لازمات مالية خلال الفترة من 1980الى 1999 وقدرت خسائر اليابان على سبيل المثال من الازمة الاسيوية عام 1997 بحوالي عشرة في المائة من ناتجها المحلي الاجمالي. موقع الدول النامية واشارت الدراسة الى ان ذلك التأثير ليس بمستغرب بسبب تزايد اهمية الدول النامية في الاقتصاد العالمي اذ يقدر بنك التسويات الدولي حصة هذه الدول بحوالي 40 في المائة من التدفقات العالمية للاستثمار الاجنبي المباشر في حين تشير تقارير منظمة التجارة العالمية الى ان اكثر من 25 في المائة من تجارة الدول الصناعية هي مع الدول النامية. ومن الاثار السلبية ايضا للازمات المالية على الدول النامية عدم القدرة الكاملة على استخدام ادوات السياسة النقدية في التحكم في عرض النقد مما يعني فقدان تلك الدول لاداة هامة من ادوات السياسات الاقتصادية في التعامل مع اثار تلك الازمات والحد من انتشارها عبر القطاعات الاقتصادية. اسباب الازمات وتعرضت الدراسة لاسباب الازمات المالية فاعتبرت ابرزها حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد الكلي لا سيما فيما يتعلق بانخفاض شروط التبادل التجاري التي تؤدي الى عجز المشتغلين بالانشطة التجارية والوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك مما يؤدي الى حدوث ازمة. واضافت ان من اسباب الازمات المالية كذلك التقلبات في اسعار الفائدة العالمية التي لا تؤثر فقط على تكلفة الاقتراض بل على تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الى الدول النامية ويقدر ان ما بين 50 الى 67 في المائة من هذه التدفقات كان سببها المباشر التقلبات في اسعار الفائدة عالميا. ومن بين الاسباب التي تعرضت لها الدراسة تلك المتعلقة باضطرابات القطاع المالي حيث لوحظ ان التوسع في منح الائتمان وضخامة التدفقات المالية الخارجية وانهيار اسواق الاوراق المالية كانت القاسم المشترك الذي سبق حدوث الازمات المالية في حالة دول جنوب شرق اسيا. وافادت الدراسة انه يندرج تحت هذا السبب عوامل فرعية مثل عدم تلاؤم اصول وخصوم المصارف والتحرير المتسارع غير الحذر وغير الوقائي للسوق المالي اضافة الى التدخل الحكومي في تخصيص الائتمان وكذلك ضعف النظام المحاسبي والرقابي والتنظيمي. تجارب وبينت دراسة المعهد العربي للتخطيط انه تمت ملاحظة تجارب 28 دولة تعرضت لازمات مالية كان القاسم المشترك بينها نقص الرقابة المصرفية الفعالة. واضافت ان سياسة سعر الصرف الثابت تسهم في حدوث الازمات بسبب صعوبة قيام السلطات النقدية بلعب دور مصرف الملاذ الاخير. وذكرت الدراسة ان الديون قصيرة الاجل التي قدمتها المصارف الدولية للدول النامية شكلت سببا رئيسيا في كثير من الحالات في حدوث الازمات المالية لاسيما في ظل الارتفاع الحاد بقيمة هذه الديون التي قفزت من حوالي 176 مليار دولار عام 1990 الى حوالي 454 مليار دولار عام 1997. تجنب الازمات واستعرضت الدراسة سياسات تجنب الازمات المالية اهمها العمل على تقليل الاضطرابات والمخاطر التي يتعرض لها الجهاز المصرفي لا سيما عن طريق تنويع التدفقات المالية والتأمين ضد المخاطر والاحتفاظ بجزء اكبر من الاحتياطات المالية واستخدام سياسات مالية ونقدية اكثر التزاما باهدافها. وقالت ان من سياسات التجنب ايضا الاستعداد الكافي للتعامل مع انتكاسات الاسواق المالية وتوسع الدور المالي للقطاع الخاص وذلك عن طريق استخدام السياسات المالية والنقدية الملائمة وتصميم نظام رقابة مصرفية فعال. واضافت الدراسة انه يجب كذلك التقليل من حالة عدم التلاؤم بين السيولة المتوفرة للمصارف والتزاماتها مع الاحتفاظ باحتياطات كافية من النقد الاجنبي ورفع الحد الاقصى لرأس المال والاستعداد الجيد قبل تحرير السوق المالي والعمل على تطوير وتعديل الاطر القانونية والمؤسسية والتنظيمية للقطاع المصرفي. ومن سياسات تجنب الازمات المالية التي طرحتها الدراسة ايضا تقليص دور الدولة في القطاع المصرفي من خلال برامج للخصخصة وعزل آثار سياسة سعر الصرف المعمول بها من التأثير السلبي على اعمال المصارف واعطاء استقلالية اكبر للمصارف المركزية اضافة الى الرقابة الوقائية وزيادة المقدرة على التنبؤ بالازمات قبل حدوثها. تباين معدلات الفقر في البلاد النامية