توقع «مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية» (أونكتاد) ان يشهد النمو الاقتصادي العالمي تحسناً متواضعاً في 2014، بمعدل يتراوح بين 2.5 وثلاثة في المئة عقب متوسط بلغ 3.2 في المئة عام 2013. وأشار في تقريره السنوي الذي أطلقه أمس في القاهرة إلى ان معظم هذه الزيادة الضئيلة في معدلات النمو تأتي من البلدان المتقدمة التي ارتفعت معدلات نموها من 1.3 في المئة في 2013 إلى 1.8 في المئة عام 2014، مرجعاً ذلك إلى التحسن الطفيف الذي شهده اقتصاد الاتحاد الأوروبي. وتوقع التقرير ثبات معدلات نمو اقتصادات الدول الناشئة على ما كانت عليه خلال السنوات السابقة، بين 4.5 وخمسة في المئة، على ان يبلغ المعدل 5.5 في المئة في بلدان اسيا وجنوب أفريقيا، وألا يتعدى اثنين في المئة في شمال أفريقيا وأميركا اللاتينية، فيما سيستمر الهبوط في نمو اقتصادات الدول التي تمر بمراحل انتقالية حتى واحد في المئة بعد أداء ضعيف في 2013. وأضاف التقرير، ان التجارة الدولية شهدت نمواً أقل من النمو العالمي، بسبب زيادة حجم التجارة السلعية، بنسبة وصلت إلى أكثر من اثنين في المئة خلال 2013 وأوائل 2014، مشيراً إلى ان البطء النمو في التجارة الدولية، يعود إلى ضعف الطلب العالمي على المنتجات، ولا يعود في شكل رئيس إلى ارتفاع الحواجز التجارية أو الصعوبات التي يشهدها جانب العرض. ولفت تقرير «أونكتاد» إلى ان التقديرات المبدئية لصافي تدفقات الأموال من الدول النامية إلى الدول المتقدمة بلغ 1.35 تريليون دولار خلال 2013، بسبب استغلال الدول المتقدمة لإمكانياتها العلمية والتكنولوجية لجذب تلك الأموال، بالإضافة إلى حصول الدول المتقدمة على نصف ثروة البلدان النامية الطبيعية، عبر الشركات التي تبحث عن الثروات الطبيعية في الدول النامية. وأشار إلى ان تلك التدفقات في زيادة مستمرة عاماً بعد آخر، إذ كانت تبلغ نحو 1.25 تريليون دولار خلال 2012. ورجح ان تكون الزيادة المعتدلة المتوقعة في معدل نمو البلدان المتقدمة ناجمة عن استعادة النشاط في شكل طفيف في الاتحاد الأوروبي حيث ساعد التخفيف الأولى من التقشف المالي وزيادة المرونة في السياسات النقدية، خصوصاً من جانب المصرف المركزي الأوروبي في تحسن نمو الطلب، ففي بعض البلدان، مثل بريطانيا، دعم ارتفاع قيمة الأصول وانتعاش الائتمان الاستهلاكي والعقاري طلب الاسر، وفي بلدان أخرى، مثل ألمانيا، يرجع دعم هذا الطلب إلى حدوث بعض التحسن في الأجور الحقيقية، لكن في عدد الاقتصادات الكبرى في منطقة اليورو، مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، لا تزال مستويات البطالة المرتفعة، والركود أو بطء النمو في الأجور الحقيقية، واستمرار الضعف في القطاع المصرفي، تعيق زيادة الائتمان والطلب المحليين. وفي الولاياتالمتحدة يواصل الاقتصاد انتعاشه الأولي بالاعتماد على الطلب الخاص المحلي. وخفت حدة التأثير السلبي للتقشف المالي في شكل طفيف عام 2014، واستمر معدل البطالة في الهبوط، وشجع الارتفاع في أسعار الأصول انتعاش الاقتراض والاستهلاك المحليين، غير ان متوسط الأجور الحقيقية ظل ثابتاً. ودعا التقرير بلدان العالم إلى الاعتماد على محركات نمو جديدة تخرج الاقتصاد العالمي من حال الركود، التي لا تزال آثارها ممتدة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، مستبعداً تحسناً مماثلاً لدى اليابان، نتيجة لبطء نمو التجارة الدولية. وقال الخبير الاقتصادي الأول في «أونكتاد» محمود الخفيف، ان التقرير سجل زيادة في معدلات نمو بلدان شرق وجنوب شرقي آسيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء ستتجاوز 5.5 في المئة، مشيراً إلى ان بلداناً نامية كثيرة تمكنت التعافي من ركود 2008 في شكل أسرع من مثيلاتها المتقدمة، نتيجة لدعم الطلب المحلي. ولفت بمناسبة إطلاق التقرير إلى ان السياسات الخاطئة للحكومات المصرية المتعاقبة تتمثل في تشجيع التصدير ودعمه، كسبيل وحيد للنمو، على رغم ضعف معظم اقتصادات الدول التي تصدر لها، فضلاً على الاعتماد على شركاء تجاريين ذوي معدلات نمو طفيفة كالولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، داعياً إلى ضرورة تغيير شركاء مصر التجاريين والاتجاه صوب بلدان معدلات النمو المرتفعة كدول الشرق الآسيوي وجنوب الصحراء الأفريقي، بعد تعافي الأخيرة في شكل كبير عام 2012. وقال الخفيف: «لا يزال أداء التجارة الدولية باهتاً، إذ نمت بمعدل طفيف يناهز اثنين في المئة حتى الأشهر الأولى من 2014، وهو معدل يقل عن معدل نمو الإنتاج العالمى». وأشار إلى ان البنك المركزي المصري ليست له أي رقابة على خروج رؤوس الأموال الأجنبية في أي وقت، ضارباً المثل بأن حجم الاحتياط من النقد الأجنبي بلغ في آذار (مارس) 2011 نحو 35 بليون دولار وفي غضون شهر واحد خرجت 10 في المئة من هذا الاحتياط ما كان يتطلب من مصر اتخاذ إجراءات استثنائية. ودعا الخفيف إلى إعادة النظر في عقود استخراج البترول والغاز والتعدين في الدول النامية لأنها تخدم مصالح الشركات العالمية على حساب هذه الدول التي لا تستفيد في شكل كافٍ من مواردها الطبيعية. ونبه إلى تراجع معدلات النمو بالدول النامية في الآونة الأخيرة، يعود إلى اتباع السياسات الاقتصادية ذاتها التي تنتهجها تلك الدول منذ الأزمة الاقتصادية عام 2008، الأمر الذي ينذر بأزمة اقتصادية عالمية جديدة.