يعيش الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اصعب مراحل حياته بعد اربعة اعوام من بدء الانتفاضة، محاصرا في مقر قيادته تحيط به التهديدات الاسرائيلية والمطالب بتنفيذ اصلاحات. وفي حين كان في السابق معتادا على السفر في مختلف ارجاء العالم للدعوة الى نصرة القضية الفلسطينية، بات عرفات البالغ من العمر 75 عاما لا يغادر المقاطعة، مقر اقامته المتداعي في رام اللهبالضفة الغربية منذ ديسمبر 2001. وترفض اسرائيل التي تتهم عرفات بالتساهل بل بتشجيع المجموعات المسلحة التي تنفذ هجمات ضد اسرائيل، ان تعيد له حرية الحركة حتى انها تهدده بالأسوأ. ففي سبتمبر 2003، اتخذت الحكومة الامنية الاسرائيلية قرارا مبدئيا يقضي بالتخلص من زعيم منظمة التحرير الفلسطينية كما يهدد رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بانتظام منذ ذلك الحين بتصفيته جسديا. اذ ان عرفات، رغم ادانته كل هجوم يطاول مدنيين اسرائيليين، متهم على الدوام من جانب حكومة شارون بانه يقوم بدور مزدوج حتى ان طوق الجيش الاسرائيلي بات يشتد حوله بعد كل عملية. وفي 22 سبتمبر، اكد شارون ان عرفات سيلقى ما يستحقه في اشارة الى قيام اسرائيل بتصفية زعيمي حركة المقاومة الاسلامية حماس احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي. ويؤكد عرفات الذي لا يفوت اي فرصة للاشادة بالانتفاضة الباسلة ان التهديدات الاسرائيلية لا تخيفه مكررا انه يفضل ان يموت شهيدا على ان ينحني امام ارادة اسرائيل. ويقول النائب مفيد عبد ربه من حركة فتح التي يتزعمها عرفات ان الرئيس عرفات يعتقد انه مهما حصل، فان الموقف الاسرائيلي تجاهه لن يتغير . ويضيف: ان استراتيجيته الوحيدة تتمثل في اعتماد موقف تحد حتى في مواجهة التهديدات الاسرائيلية بقتله . الا ان الضربة الاشد التي تلقاها عرفات منذ بدء الانتفاضة لم تأت على الارجح من الحكومة الاسرائيلية انما من واشنطن التي تخلت عن رئيس السلطة الفلسطينية الذي كان في السابق ضيفا منتظما على البيت الابيض. ويحاول الاميركيون بكل الوسائل حاليا تهميشه. وكان الرئيس الاميركي جورج بوش دعا الثلاثاء في خطاب القاه امام الاممالمتحدة المجتمع الدولي الى مقاطعة القادة الفلسطينيين الذين لا يخدمون شعبهم ويخونون قضيته في اشارة ضمنية الى عرفات. وشدد وزير خارجيته على الامر نفسه الخميس طالبا من عرفات التنازل عن السيطرة على الاجهزة الامنية الى رئيس وزرائه احمد قريع ومؤكدا ان مستقبل جهود السلام الدولية وقف على ذلك. الا ان عرفات، رغم الوعود العديدة التي قطعها، لم يتنازل فعليا عن السيطرة على الجهاز الامني الى قريع الذي هدد مرارا بالاستقالة كما فعل ذلك سلفه محمود عباس. واضافة الى ذلك، يواجه عرفات الذي تعاني ادارته الفساد، انتفاضة داخلية لا سابق لها منذ اشهر بلغت في يوليو حد الخطف واندلاع مواجهات بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على خلفية الفوضى الامنية. وبعد هذه الاحداث، اقر عرفات بوجود اخطاء غير مقبولة وتجاوز في ممارسة السلطة من جانب مسؤولين في السلطة الفلسطينية واعدا بتصحيحها الا انه لا يزال يتردد في تطبيق هذه الاصلاحات الموعودة. ورغم كل هذه الصعوبات، يبقى عرفات في نظر انصاره رمز المقاومة الفلسطينية من اجل الاستقلال ولا يزال يحتل المرتبة الاولى في استطلاعات الرأي حول المرشح الاوفر حظا على رأس السلطة الفلسطينية في الانتخابات المرتقبة في الربيع.