اختلف الباحثون وبالذات الفلاسفة السياسيون ولا يزالون في تحليل مواقف (يهود الشتات) حول ما يختص بالقضايا التي تمس كيان ما يسمى (بالدولة العبرية) التي تنبع اساسا من قضية (الولاء المزدوج) لتلك الفئات ما بين الدول التي يقيمون ويحملون جنسياتها، وبين الدولة التي تتخذ من اليهودية دينا لها، ففي حين يرى البعض في هذه الاقليات مجرد مواطنين يدينون بالولاء للدول التي يحملون جنسيتها، يرى آخرون فيهم امتدادا طبيعيا لدولة الكيان الاسرائيلي في العالم الخارجي مما يعني ان عليهم تبعات تحتم عليهم تبني سياسات وقرارات ومواقف دولة اسرائيل. واذا ما انتقلنا الى محاولة دراسة وضع الجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة فاننا سنجد انفسنا امام وضع تنطبق عليه النظرية الثانية التي تعني ان اليهود الامريكيين يدينون بالولاء لاسرائيل اكثر من ولائهم للولايات المتحدة الدولة التي يحملون جنسيتها وهو ما اكده بوضوح رئيس المؤتمر الصهيوني العالمي (ناحوم جولدمان) الذي اكد خلال مؤتمر 1914م ان على اليهود ان يتغلبوا على الخوف الشعوري أو اللاشعوري مما يقال له الولاء المزدوج، وعلى اليهود الامريكيين ان يكونوا من الشجاعة بحيث يعلنون بصراحة انهم يمارسون ولاء مزدوجا احدهما لاسرائيل، والآخر للدولة التي يعيشون عليها وهو ما اكده بعد ذلك كل من تولى رئاسة وزراء دولة الكيان الاسرائيلي بدءا من بن غوريون وانتهاء بشارون وهو ما نلمسه اليوم حقيقة لا تقبل الشك. فمنذ ظهور نتائج الاحصاء الامريكي الاخير الذي اظهر بوضوح تزايد اعداد المسلمين الذي تخطى حاجز ستة ملايين مسلم وزعماء الجالية اليهودية لا هم لهم سوى محاربة هذا التواجد الذي يشكل - اذا ما احسن استغلاله - تحديا حقيقيا وواضحا للوجود اليهودي. فلقد استطاع هذا الوجود الاسلامي ان يخلخل التركيبة الديمغرافية التي كانت دوما تميل لصالح تواجد الجالية اليهودية في الولاياتالمتحدة التي كانت على الدوام تترجم كمواقف داعمة لصالح السياسة الاسرائيلية من خلال الكم الهائل من الضغوط التي تواجه المرشحين الامريكيين بغض النظر عن انتماءاهم الحزبية. من هنا فان من البديهي جدا ان نجد اللوبي الصهيوني وقد شمر عن ساعديه وسن كل اسلحته في محاولة واضحة (لتهميش دور هذا التواجد السياسي الاسلامي في امريكا لمسلمي امريكا متخذة من احداث سبتمبر وما تلاها من حملة على الاسلام والمسلمين هدفت في مجملها الى تشويه صورة هذا الدين الرباني، والذي يستتبعه بالضرورة صورة معتنقيه. ان التقرير الذي نشره مجلس العلاقات الامريكية الاسلامية على شبكة المعلومات الدولية الذي اكد فيه انه منذ منتصف شهر يونيو الماضي شنت ثلاث من اكبر المنظمات الموالية لاسرائيل بالولاياتالمتحدة (المنظمة الصهيونية الامريكية، والكونجرس اليهودي الامريكي وعصبة مكافحة التشويه اليهودية) حملة اعلامية شرسة ضد الطلاب المسلمين بجامعة ولاية كاليفورنيا (ايرفاين) لا لشيء سوى رغبة البعض منهم في ارتداء وشاح اخضر مكتوب عليه عبارة التوحيد (اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله) والآية الكريمة (رب زدني علما) خلال حفل تخرجهم لمثال واحد وواضح على ما نقول. واذا ما بحثنا حول المحرك الحقيقي لهذا التحرك اليهودي فسنجد كلمة السر في منظمة (بناي بريت هيلل) وهي المنظمة التي تحاول ايجاد محيط مؤيد لاسرائيل في الجامعات الامريكية التي تنطلق اساسا من فلسفة يهودية تقوم على افتراضية ان التأثير على حاضر ومستقبل العلاقة الامريكية - اليهودية انما يتم من خلال الحرم الجامعي على اعتبار ان الطلبة يشكلون حيزا لا يستهان به من الفئة الناخبة. لقد استغلت هذه المنظمات اليهودية جهل الشارع الامريكي بالاسلام وتعاليمه مصورة هذا المطلب البسيط على انه (مساندة ضمنية للارهاب) مطالبة الجامعة المذكورة بعدم تحقيق هذا المطلب وهو ما رفضته الجامعة في موقف يسجل لها وللقائمين عليها بكل تأكيد. ان تداعيات ما حدث في جامعة ايرفاين يؤكد قدرة المنظمات المسلمة الامريكية ذات القواعد الجماهيرية الواسعة على ترجمة هذا التواجد الاسلامي الى مواقف داعمة للحقوق العربية المشروعة وهو ما أثار حفيظة اللوبي الصهيوني بكل تأكيد. دعاء من الاعماق بأن يكلل المولى - عز وجل - خطوات المنظمات المسلمة الامريكية بالتوفيق. وعلى الحب نلتقي،،،،