يبدأ ابناؤنا وبناتنا الطلاب مرحلة دراسية جديدة يتلقون فيها تعليمهم بمختلف مراحلهم الدراسية، فيما يجد البعض من الطلاب نفسه مجبرا على دخول (المعركة) الدراسية التي ينظر اليها شريحة منهم بنظرة (تشاؤمية) وكأنهم مجبرون على مواصلة مستقبلهم الذي يمهد الطريق لهم لحياة قادمة يحدوها الأمل دون اي شعور بأهمية هذا الخط الذي يعاني البعض منهم غياب (رسامه) الأب أو الأم أو من يعيش في كنفهم هذا الطالب او الطالبة ويجعله في اعينهم ركيزة اساسية لا يستغنون عنها بتهيئتهم النفسية لخوض عام دراسي مليء بالجد والحيوية. (اليوم) استطلعت آراء مجموعة من الطلاب والطالبات وتوجهت بسؤال عن مدى استعداداتهم وانطباعهم لبدء مرحلة دراسية جديدة فإلى التفاصيل.. بداية تحدث احمد الغامدي (مرحلة متوسطة) قائلا: بصراحة اتمنى ألا يبدأ هذا اليوم ويعني اليوم الدراسي الجديد فهو يوم مزعج، وعندما سألناه عن السبب اجاب: انه لا يذكر في يوم من الايام انه احب الدراسة، ولكنه مجبر عليها ولو ان الامر بيده لهجرها اطلاقا.. حاولنا ان نبين له اهمية التحصيل العلمي لدى الانسان الا ان قناعاته باتت عند قوله: يكفي ان اصل للمرحلة المتوسطة واقف بعدها من جو الدراسة الكئيب. حب الدراسة اما سارة العبدالله (المرحلة الثانوية) فهي لا تخفي حبها للدراسة وهي تتمنى ان تكون الفترة الدراسية اطول مما هي عليه وتقول: اقضي معظم اوقات فراغي من شدة شغفي وحبي للدراسة بالاطلاع على محتويات المقررات لدينا حتى استوعبها كاملة، ولأكثر من مرة. الزامية الوالدين تقول نورة محمد السار (المرحلة الثانوية): اكره الدراسة ولولا انني ملزمة فيها من قبل والدي ووالدتي لتركتها منذ المراحل الاولى، وعن مستواها اجابت: تقديري لا يتعدى الجيد جدا،ومع ذلك تكره الدراسة. الأمر الواقع طارق حمد الحربي طالب في الدراسة الليلية (16 عاما): يفند الاسباب التي اضطرته للبقاء في هذه المرحلة وتأخره دراسيا عن غيره ممن هم في سنه ويقول: يعود السبب الرئيسي اولا لعدم رغبتي في بداياتي الدراسية للذهاب الى المدرسة، ولم اجد من والدي او والدتي اي ممانعة لهذا الشيء بل العكس، حتى اصطدمت بالامر الواقع حينما اردت الوظيفة فلم اجد من يقبلني على هذه الشهادة التي لم اكملها.. والآن أنا مصر على تكملتها رغم تقدمي في العمر بالنسبة للمرحلة الابتدائية. والدي السبب اما خالد محمد الشنيبر (جامعي) فلا يخفي حبه للدراسة والتحصيل العلمي ويقول: لا اتصور نفسي ان اكون في عمري هذا ولم اصل الى المستوى التعليمي الذي يفترض ان يصل اليه كل انسان طموح في هذا العمر فكما يقول الشاعر: العلم يرفع بيتا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف سألناه عن الدافع الذي في داخله حول الاهتمام بتحصيله ومن يقف وراء هذا الطموح، اجاب.. والدي دائما هو الاساس الذي يدفعني بعد الله سبحانه وتعالى فهو يغرس في داخلي اهمية التعليم ومردوده على الفرد والمجتمع مستقبلا. البيت.. البداية يقول سلطان الطالب: لا اجد ما يمنعني من مواصلة دراستي ولكن نشاهد بالفعل بعض الطلاب يحضرون الى المدرسة وكأنهم مجبرون عليها واسأل نفسي: ما الذي دفعه الى هذه النظرة. هذا الحال.. فأعطي نفسي اجابة واقول: البيت هو المدرسة الاولى التي ينطلق منها الطالب في حياته على كافة المستويات ولم يذهب بعيدا عنه زميله وليد تناوي في رأيه. توجهنا بعدها الى احد المختصين في علم النفس والاجتماع وهي الاخصائية انتصار الحايك من مستشفى اسطون في المنطقة الشرقية وسألناها عما يتعلق بهذا الشأن فقالت: نجد كثيرا من الطلاب والطالبات في مراحل دراسية مختلفة تتولد لديهم نظرة سلبية نحو الدراسة مما يجعلها في نظرهم وتصورهم مشكلة. وتضيف:لقد حث الاسلام على طلب العلم، كل العلم دون استثناء، وحث على العلوم التي تدفع الجهل من علوم دينية وطبيعية ومادية ونفسية واجتماعية وتاريخية. لانها مظهر لقدرة الله عزوجل وعظمته، وقوة نواجه بها ما يعترضنا من عقبات، ويهيئنا لفهم الحياة وما تحتويه من حقائق ويسهل لنا طريق التقدم والرقي، حتى يكون قوة للحق لا للطغيان والظلم. وقد كان الناس في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) متحمسين في طلب العلم وتعلمه الا اننا نجد بعض ابنائنا ينظرون بسلبية تجاه العلم ومؤسساته التعليمية مما ادى الى افتقارهم الى الحماس والدافعية والتكاسل وعدم بذل الجهد وقلة الاهتمام بالعلم وهذا يترتب عليه احتمال انحرافهم وتأخرهم الدراسي وظهور المشاكل الطلابية السلوكية في مراحل التعليم المختلفة. وهذه النظرة ترجع الى عدة أسباب: نماذج البيئة (الإقتداء) حيث يكتسب الطلاب عادات دراسية خاطائة منذ طفولتهم من اهلهم دون رقابة من احد يصحح لهم هذه العادات ويستبدلها بعادات دراسية جيدة. وجود بعض الاتجاهات السلبية تجاه اهمية التعليم عند الوالدين يؤدي الى انتقالها الى الابناء وبالتالي لا يدرسون بفعالية. تعريض الطلبة والطالبات الى مواقف النقد والسخرية من الآباء او الاصدقاء او من قبل هيئة التدريس في المؤسسات التعليمية. توقعات الآباء المنخفضة من ابنائهم تساعد على وضع مستويات طموح منخفضة لديهم. الخلاقات الاسرية التي تشعر الابناء بعدم الأمان بحيث تفقدهم الرغبة في النجاح. الجو التعليمي غير المناسب وصعوبة المقررات الدراسية وجمودها وكثرة الواجبات الدراسية. الخوف من العقاب داخل المدرسة سواء كان من الطلاب العدوانيين او من قبل المدرسة. البحث عن متع واهتمامات اكثر اثارة خارج المدرسة لدى الطلبة في مختلف المراحل التعليمية حيث ان الطفل يحب الطبيعة ويحب اللعب ومسك الاشياء بيده ويحب الكلام ونحن نضعه في غرفة مغلقة ونطلب منه ان يجتهد ونكرهه على الصمت ولا نفسح مجال العمل الا لدماغه. وترى د. الحايك ان الابناء في المراحل المتقدمة لديهم احتياجات عصرية ومتقدمة ومواكبة لعصرهم عصر العلم والتكنولوجيا، لهذا نراهم يستنكرون التعليم المعتمد على حشو اذانهم بمعارف وعلوم جامدة تقتصر في الغالب على الالقاء والتلقين دون استيعاب وعلى الحفظ والاستذكار دون فهم وابتكار. وتقول: لا يمكن الاعتماد على مؤثر واحد يستطيع ان يحول النظرة السلبية الى ايجابية لدى الطلبة والطالبات عن تثقيف والتعليم انما هناك مجموعة من المؤثرات تسهم في هذا التحويل وهي: الوالدان. المدرسة وهيئة التعليم. وسائل الاعلام. ويمكننا الاستفادة من هذه المؤثرات من خلال اتحادها وتضامنها مع بعضها البعض في اتجاه ايجابي واحد، وذلك من خلال التواصل بين الوالدين الذي يتم عن طريق حضور مجالس الاباء والامهات وعن طريق مراقبة مستوى ابنائهم وتطوره والاجتماع مع المرشدين والاخصائيين الاجتماعيين ومناقشة الاهداف معهم ومعرفة احوال ابنائهم بالمدرسة واعطائهم الندوات والمحاضرات التثقيفية التي تساعدهم على معرفة اساليب التعامل مع ابنائهم اتجاه العلم والتعليم. وتضيف: تسهم وسائل الاعلام من خلال البرامج التعليمية والبرامج التي تشجع العلم والتعليم وتبسطه وتشجع حاجات المتعلمين وتزرع فيهم الدافعية من خلال توضيح الاهداف بطريقة تمثيل الادوار او بطريقة قصصية مشوقة ومبتكرة ترضي جميع الاذواق ومختلف المستويات الثقافية مما يساعد ويساهم على استيعابها وتثبيتها لديهم. وتوضح د. الحايك كيفية توليد القناعة في اهمية التأهيل العلمى لدى الطلاب وتأصيل مفهوم التعليم في داخلهم. وتقول: تقدير الابناء كمصدر من مصادر القدوة فيرى فيمن يكبره سنا انموذجا له ويكون اكثر وعيا بقدرته على ان يصبح نفسه انموذجا للذين يصغرونه سنا. اكتساب بعض القيم والاتجاهات الخاصة باحترام الذات والثقة بالنفس والقدرة على الاتزان الانفعالي. تبسيط وتجديد التراث الثقافي فنحن جميعا نؤمن بتغير المجتمع وتطوره فلابد من ان نوفق بين تطورات العصر وبين القيم والمبادىء الاساسية للمجتمع وبهذا نكسب الجيل الجديد مهارات الابتكار والإبداع والتطور وإشباع ميولهم ورغباتهم وتدفعهم تجاه النشاط الفكري والحركي الذي يساعد على تنمية الذكاء لديهم في ظل الثقافة العربية الاسلامية. وتضيف: معاونة الافراد على اظهار قدراتهم وصقل مواهبهم وتوجيههم الى الطرق التي تؤدي بهم الى المهن المختلفة وامدادهم بالمهارات اللازمة لاداء متطلبات مختلف الوظائف، كما ان توضيح اهمية العلم والتعليم واهدافه من خلال اعداد البرامج والمحاضرات والانشطة الجماعية كما توضح الخطورة المترتبة على الفرد والمجتمع عند ترك العلم واهماله. * تقديم الحوافز المناسبة من قبل الوالدين والمدرسين للطلاب الذين يواظبون على حضورهم والذين يحصلون على تفوق دراسي. * النمذجة من خلال ملاحظة نماذج من ذوي التحصيل المرتفع وما حققوه من مجد وشهرة وملاحظة العلماء الذين وضعوا القوانين والنظريات وحققوا انتصارا في تطور العلوم والتكنولوجيا العصرية. * توضيح اهمية العلم من خلال العقل حيث ان العقل يرتقي بالعلم ويسمو به من كل جهل ويوصله الى الحياة النيرة والسعيدة التي تبعدهم عن الزلات في الرأي وتساعدهم على كشف غموض الحياة. * كما لا ننسى اهمية العلم والثواب الأخروي قبل الدنيوي حيث ان العلم يقرب اصحابه من الله عزوجل قال تعالى:(إنما يخشى الله من عبادة العلماء) (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وكما ورد في الاثر:(إذا جاء الموت الى طالب العلم وهو على هذه الحال مات شهيدا). قال أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لكميل بن زياد(يا كميل العلم خير من المال، العلم يحرسك وانت تحرس المال، العلم حاكم والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو وينمو عليه الإنفاق). وترى د. الحايك: أن ضعف التحصيل العلمي عند مرحلة دراسية سيفرز مجتمعا متحللا ومتأخرا حضاريا وثقافيا حيث ان الافراد هم المجتمع وتكوينه فاذا توقفوا عند مرحلة دراسية اولية سوف يعم التخلف العلمي والثقافي وبهذا يتوقف تقدم ورقي المجتمع بل على العكس سوف يرجع الى الخلف ويتأخر عن المجتمعات الاخرى كذلك سوف يؤدي الى شغل اوقات الفراغ لديهم من خلال تعلم العادات السلوكية الخاطئة مما سيوصلهم الى الانحراف والفساد. طلاب يؤدون أحد الأنشطة وعادة لا يلجأ اليها سوى الطلاب المتميزين. في احد الفصول الدراسية