استأنف نادي الطائف الأدبي الأربعاء الماضي نشاطه المنبري الصيفي بعد توقف لمدة أسبوعين بمحاضرة بعنوان (ظاهرة السخرية في نثر حسين سرحان) لضيف النادي الدكتور عبدالله الحيدري أستاذ الأدب بجامعة الملك سعود بالرياض. قدم عريف المحاضرة منصور القرني المحاضر ومسيرته البحثية ثم ترك المجال للحيدري الذي سار على نهج علمي في طرح ورقته فقال: عرّف سرحان السخرية بأنها استخلاص عيوب الفرد لنفسه أولا ثم السخرية بعد ذلك, وقسم الحيدري سخرية سرحان إلى أربع مراحل: @ المرحلة الأولى فترة السبعينات عبر مقالاته التي نشرها في الدوريات السعودية في تلك الفترة مثل (الوسام العالي) و(تيه الأدباء) و(أنا آسف) وفيها جميعا نلتمس البذور الأولى للسخرية بما فيها من دعابة وتهكم بالذات وخفة ظل . @ المرحلة الثانية الثمانينات الهجرية هنا ينكشف قناع الجد والكآبة الذي غلب على مرحلته الأولى ويظهر هنا سرحان متفائلا ينشئ مقالاته ممزوجة بالسخرية ومن مقالات تلك الفترة "عيش وملح" و"ملامح" و"برمانا" و(الطاحونة الحمراء) . @ المرحلة الثالثة ( 1382 - 1400ه ) وهنا تواصل في طريقته الفكاهية إلا أن وفاة ابنه الوحيد (محمد) احدثت تحولا في أسلوب السرحان للدخول في الحزن والنظر إلى الأشياء بشئ من التشاؤم لنراه ينحو هذا الاتجاه في مقالات دمنة مع كليلة وفرادى وثناء وغيرها . @ المرحلة الرابعة ( 1401 -1413 ه ) تعتم هنا السخرية لدى السرحان لتضىء الرمزية والنقد المبطن اللاذع بأسلوب فكه بالمباشرة في الطرح فنراه يقول: أصبحت مثل الطلل القديم هيكلا تصفر فيه الرياح.. وقد خلص المحاضر إلى سرد أسباب ركون السرحان إلى السخرية ومنها : اجتذاب السخرية للقارئ لإصلاح فكره أو سلوكه واعتماد السخرية متنفسا يقذف من خلالها ما تضطرم به نفسه من آلام وسخط .... ونحوه المداخلات بعد انتهاء المحاضرة اراد مديرها ان يضيف لها رونقا آخرا فأشرك الجمهور في المداخلات يتقدم الدكتور عالي القرشي للمداخلة الأولى قائلا: يبدو لي أن السرحان عندما سلك طريق السخرية فقد تمرد على اللغة الرصينة ليخلق فضاء آخر منكسرا لنقول ان سخرية السرحان فعل متمرد ليست حال تعقل رغم تقسيم المحاضر لمراحلها بشكل موسع . ويرد الدكتور الحيدري: لقد أوردت أسبابا لسخرية السرحان في المحاضرة أما التقسيم للمراحل فكان لتقريب المعلومة بشكل يسير للعامة. يداخل بعد ذلك الدكتور محمود عمار فيمتدح المنهجية العلمية واللغوية للمحاضرة لكنه ينتقد وجود مرحلة رابعة تعد فترة ركود ومرض عند السرحان لتكون ضمن مسيرته ثم ما المفهوم الأدبي للسخرية عند غير السرحان . يرد الحيدري بأن وجود ما يقارب مائة وخمسين مقالا في المرحلة الرابعة شيء يجعلنا لا نتجاهلها أما المصطلح الأدبي للسخرية فالجميع لديه معنى ضمني حوله ولكن محور السخرية كان عند السرحان . عقيلي الغامدي في مداخلته يتساءل عن عدم الحديث عن نشأة الأديب حسين سرحان داخل هذه المحاضرة كما حدث وقدم له علي حسن العبادي رئيس نادي الطائف الأدبي في كتاب السرحان (الطائر الغريب) الذي طبعه النادي . الحيدري يثمن للنادي هذا السبق في طباعة أوائل كتب السرحان النفيسة ويذكر أن ورقته حملت ما يزيد على سبعين صفحة حول نشأة حسين سرحان ولكن للحرص على الوقت دلفت للموضوع مباشرة . المداخلة الأخيرة كانت للشاعر صالح الثبيتي الذي قال يبدو أن اتجاه السرحان للسخرية سببه تعرضه لمؤثر ما ثم قد نجد شواهد أكثر في شعر السرحان تدل على منحى السخرية . وقد أكد الدكتور الحيدري أن عنوان البحث حدده في النثر دون الشعر أما الموقف الذي أثر على السرحان فكان تأثره بالكتاب العرب كالمازني الذي تفوق عليه فيما بعد . بعدها يشكر مقدم المحاضرة نادي الطائف على إثراء الجمهور بمثل هذه الفعالية والدكتور عبد الله الحيدري جهده البحثي وسعة صدره في تقبله النقد.