كم من الفضل العظيم للوالدين اللذين كانا بعد الله سببا مهما في حياة الاولاد وتربيتهم, وكم كان حرصهما كبيرا على حسن العناية والتنشئة الاسلامية, ولقد عنيت آيات كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم برد الجميل وحسن الصحبة للوالدين, ولقد اساءني ما سمعته من بعض المعارف والاصدقاء الذين يشكون سوء معاملة بعض الاولاد لآبائهم وامهاتهم, ويطلبون منى التوسط بالنصح ففعلت ذلك واطلب من الله حسن الاستقامة في بر الوالدين والعناية بهما, وقد زادت السنة الشريفة بأهمية وصل من كان يودهما, حيث جاء في الحديث: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: انه خرج الى مكة وكان له حمار يتروح عليه اذا مل ركوب الراحلة, وعمامة يشد بها رأسه, فبينا هو يوما على ذلك الحمار اذ مر به اعرابي فقال: الست فلانا ابن فلان؟ قال: بلى فاعطاه الحمار وقال: اركب هذا, والعمامة قال: اشدد به رأسك, فقال له بعض اصحابه, غفر الله لك, اعطيت هذا الاعرابي حمارا كنت تروح عليه, وعمامة كنت تشد بها رأسك؟ فقال: اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ان من ابر البر صلة الرجل اهل ود ابيه بعد ان يولى) وان اباه كان صديقا لعمر رضي الله عنهم وعليه اقول لمن يقصر في حق والديه الا يكفينا عظة وعبرة قول الباري: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) آية 24 الاسراء, وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم جاءت بامثلة عظيمة فيها: 1- عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من احق الناس بحسن صحابتي؟ قال: امك, قال ثم من؟ قال: امك قال: ثم من؟ قال: امك, قال: ثم من؟ قال: ثم ابوك). 2- كان جريج عابدا في صومعته فأتته امه وهو يصلي فقالت يا جريج فأقبل على صلاته ولم يجبها في عدة مرات فانصرفت فدعت عليه قائله: (اللهم لا تمته حتى ينظر الى وجوه المومسات) فتعرضت له امرأة بغى يتمثل بحسنها, فلم يلتفت اليها, فاتت راعيا ومكنته من نفسها فحملت واتهمت جريجا بالولد, فهدموا صومعته وضربوه فقال: دعوني حتى اصلي فصلى ثم اتى الصبي فطعن في بطنه: يا غلام من ابوك؟ قال: فلان الراعي فنصره الله الذي انتصر واستجاب لدعوة امه وهذا دليل كبير على عظم طاعة الوالدين واستجابتهما عند نداءاتهما. 3- الرجل الذي اقبل الى النبي صلى الله عليه وسلم, وبايعه على الهجرة والجهاد قال: (فهل من والديك احد حي)؟ قال نعم بل كلاهما قال: (تبتغي الاجرمن الله عز وجل) قال: نعم. قال: فارجع الى والديك فاحسن صحبتهما. ولذا فاذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم اعفى من يرغب في الجهاد في سبيل الله من اجل تكريم الوالدين ومساعدتهما, فما اعظم حقوق الوالدين؟! واذا كانت السنة تؤكد على اهمية صلة الرجل لمن كان يود اباه فكيف يحلو لبعض الناس ان يقابل احسان والديه بالاساءة اليهما!! كيف يأنس بمصاحبة الآخرين ويبتعد عن والديه؟ وعلى جميع الابناء تقوى الله في والديهم حتى يرزقهم الله ابناء بررة, ولا يكونوا عكس ذلك فيكون الجزاء من جنس العمل. @@ عبداللطيف سعد العقيل