عقدت لجنة الادب باتيليه القاهرة ندوة لمناقشة رواية (عناقيد الروح) للدكتور حسن هند، ادارها الكاتب اسامة عرابي مقرر اللجنة، وتحدثت فيها الروائية سلوى بكر والناقد عبد العزيز موافي والروائي فتحي امبابي. وأشار اسامة عرابي الى ان حسن هند له مجموعة من الكتب حول حقوق الانسان، منها كتاب صدر خلال هذه الفترة عن مكتبة الاسرة تحت عنوان (حرية التعبير) وله تحت الطبع مجموعة قصصية عنوانها (امرأة الشمس). وقال عرابي: رواية (عناقيد الروح) كتابة داخلية تلمس عصب الروح، جمع فيها الدكتور هند بين المعيش والمحسوس بشجاعة لا تخلو من الصراحة، ومنح الرواية من لدنه لحماً ودماً من نبض ما نكابد، وصيرها طوال الوقت ممسوسة بنار الحب والتمرد، دون ان تفقد لغته القها، ولا يعتمد في روايته على اسلوب الرواية التقليدي المعتمد على التشويق والاثارة، وانما يقدم الانسان في قلقه ووحشيته، بقلم لا يساوم ولا يجمل. الازدهار الروائي بدأت الروائية سلوى بكر كلامها بالحديث عن الرأي السائد والذي يكرس له اعلامياً، وهو اننا في حالة ازدهار روائي، واشارت الى ان هناك مؤشرات لهذا الازدهار، حيث لدينا كم هائل من الروايات التي تخرج من المطابع كل يوم، وهناك اصوات روائية عديدة تكتب لاول مرة، لكن هذا الرصد كميا وليس كيفياً، اذ لم يهتم احد برصد الظاهرة من ناحية دوافعها. واتصور ان هذا الزخم الروائي صارة نافعة، لان هذا الكم سيخرج كيفاً يؤدي الى الازدهار حقاً. واوضحت سلوى بكر ان رواية (عناقيد الروح) لحسن هند تأتي ضمن هذا التيار الروائي الجارف. وهي رواية تتناول عالم (مثقف مصري) من نوع شائع، ويمكن ان نلتقي به في الاماكن التي تقع في وسط القاهرة مثل مقهى ريش واتيليه القاهرة ومقهى الجريون، وهذا النوع يمثل الخوارج على المجتمع، ومعظمهم تشكل في فترة الستينيات والسبعينيات، وهواجسهم لا تتبلور في مشروع واضح، وهم رافضون للمواضعات الاجتماعية والقيمية. وهذا النموذج سبق طرحه في روايات اخرى ضمن حالة الانفجار الروائي، وهذه الروايات في مجملها تتباكى على الوطن وتدهوره، ويأتي هذا كله في اطار عاطفي في افضل الحالات. ويأتي الوطن في هذه الرواية هلامياً، اذ لا ندري هل هو البقعة الجغرافية ام البشر. والجانب الايجابي في الرواية طرح هذا النوع من المثقفين بصدق، والاقترب من هذا النموذج يستحق التوقف عنده، وقد بدا المثقف في هذه الرواية وكأنه حالة تراجيدية لا يمكن التعاطف معها، حيث يتراوح بين عالم النساء والعالم المتزهد وعالم المثقفين. وانتقدت بكر ما قام به السارد من تقديم اسماء لروائيين عرب في الرواية مثل محمد برادة وادوار الخراط وسعيد الكفراوي، حيث ان الرواية عندما تكتب فانها تكتب لقارئ مجهول قد يكون في المكسيك او الهند ولا يعرف هذه الاسماء، الا اذا كانت سترد لخدمة الرواية. واشارت بكر الى ان د. حسن هند لديه قدرة عالية على السرد وخبرات واسعة، لكنه اضاع مجهوده بان قرن الوطن بجملة من العواطف والتباكي على الوطن، حيث ان الدكتور هند لديه طرائق جديدة في السرد ولا يسرد سرداً تقليدياً، وانما يلتقط خيطاً يمده، ثم يعاود وصله بخيط اخر. زمن التحولات اشار الناقد عبد العزيز موافي الى ان الرواية تبدأ من عام 1968، حيث بداية التحولات بعد حرب 1967، حيث انهارت عوالم وقامت عوالم اخرى، فنحن بازاء انهيارات وتشققات في الواقع، والتحولات لا بد ان تحدث تغيرات عميقة في بنية الشخصيات، وهذا ما حاولت الرواية ان تطرحه. والرواية تقف عند احلام مكسورة وهناك شخصيات في الرواية بنيت بشكل رائع، مثل شخصية الحاج فراج الذي عاش ازدواجية العصر في السبعينيات، وقد عاش هذه الازدواجية المجتمع بجميع افراده. وحول هذه النقطة علق اسامة عرابي بان حسن هند استطاع ان يرصد التحولات بعد حرب 1967 واصر على تناول موضوع بيع الشركات الرابحة لصالح رأسماليين حيث ان هناك اشتراكيين صاروا رأسماليين بعد ان ادار الزمن ظهره للرأسمالية. واستطاع هند ان يقدم نموذج الفتاة المتحمسة الذي شاع في السبعينيات في الجامعة المصرية، الا ان التشوش اصاب عملهن. المباشرة والثرثرة وجه الروائي فتحي امبابي انتقاداً شديداً للرواية، حيث وصف لغة النص بانها تتسم بالمباشرة وتخلو من السحر، ولا يوجد فيها غموض. وبناء الرواية عبارة عن سلسلة من الثرثرات بين مجموعة من الاصدقاء. ويقدم المؤلف خواطر مغرقة في المباشرة، ويطرح اسئلة لها اجابات واضحة، دون ان يترك للقارئ فرصة للتفكير في الاجابة. والشخصيات المعروضة شخصيات مكشوفة ليس لها عمق داخلي، حيث لا توجد روح للشخصية، ولا نستطيع ان نقرأ شيئاً مسكوتاً عنه بين السطور، ولا يوجد عالم خاص بالشخصيات، ولا نجد في الرواية معارك او صراعاً بين الشخصيات. واتفق مع سلوى بكر في ان هناك جزءاً كبيراً من الرواية يستند على سرد روائيين معروفين. وقال: في تقديري ان هناك افراطاً في هذا الجانب، والافراط في التمثل يدل على النقص في النص. وهكذا نجد انفسنا نطرح اسئلة تخص النص، وانما تخص الشخصيات التي تم استدعاؤها. واضاف امبابي: لقد استخدم الراوي تيار الوعي الذي من المفروض انه يتسم بالدهشة، وهذا التيار يتسق مع البنى النفسية، لكنه استخدم في حوارات طويلة وافتقد الكاتب الزخم والطاقة اللتين تتبناهما رواية الوعي، كما ان تيار الوعي استخدم في الرواية للتعبير عن واقع تمت قراءته من الخارج. وختم امبابي بقوله: العمل الروائي يحتاج الى تعب بالغ، وهذه هي الرواية الاولى للكاتب، ومن المفترض ان تكون الرواية الاولى مليئة باشكاليات الراوي. رؤية خاصة قال المؤلف الدكتور حسن هند: انا مقتنع بما قاله النقاد، لكن لي رؤيتي الخاصة بي، فالعمل الفني يجب ان يحكم عليه باليات فنية. والمقاطع التي كنت اذكرها لاخرين في الرواية كنت اضعها في سياقها تماماً، وليس من اللازم ان يعرف القارئ محمد برادة او ادوار الخراط او سعيد الكفراوي، وعن تكنيك الرواية، فمن حقي ان ابتدع تكنيكاً اكون مسئولاً عنه. وما حدث في الرواية انني فككت الاشياء، ثم جمعت الخيوط في النهاية. وانا سعيد بادانة المثقف الذي ورد في الرواية، لانني ادنته بالفعل. محرر ادبي في نهاية الندوة اقترحت الروائية سلوى بكر ان تستعين دور النشر بمحررين ادبيين، بحيث تكون وظيفة المحرر الادبي تلافي الاخطاء النحوية، ويكون من حقه أن يقترح على الناشر حذف جملة او فصل اذا كان هذا في صالح الرواية.