سيظل الإبهار هو السمة المميزة لحفل افتتاح أولمبياد أثينا، والذي يؤكد أن الاشياء حين تعود الى اصولها وجذورها تكون اكثر صدقاً وكل ما دونها زيف أو محاولات للاقتراب من الحقيقة. أثينا هي الرحم الذي جاء لنا بوليد التحدي لقدرات البشر وهي المرفأ الذي لابد أن نجد فيه صدق المعاناة في مواجهة قسوة الطبيعة علينا نحن أبناء آدم. تحد يخلق كل التحديات ولكن وسط اجواء مفعمة بإرادة الصمود لتأكيد احقية هذا الانسان النقي بالحياة. اشتعلت نار المنافسات وبدأنا نتابع بإعجاب سلسلة من دموع الفرحة وانكسارات الفشل وروعة الانتصارات. اختلطت كل الألوان وانفرد الذهب والفضة والبرونز ليكتنز من شمس أثينا. التاريخ والجغرافيا رونق الأناقة وأحاسيس التفوق قوة وسرعة ورشاقة. وبدأت أنهار الذهب تقصف ساعات الترقب ليجني الأبطال حلم الأجيال. أن تفتتح الصين ببندقية ضغط الهواء أولى ذهبيات هذا العرس الأولمبي بالقناصة دولي التي اطاحت بمنافساتها من روسيا وتشيكيا يعني الكثير، ثم حصاد الياباني تاداهير غورا لثلاث ذهبيات في الجودو أيضاً يعني لاسيا الشيء الكثير وهو ما جعل تحطيم السباح الأميركي مايكل فيليس لرقم 400م متنوع، يبدو باهتاً أمام انجاز الأوكرانية يانا كلوتشكوفا التي حصدت ذهبية 400م محتفظة بلقبها لتؤكد انها افضل سباحة في تاريخ الأولمبياد الحديث. الصيني وانغ ييغو اكتسح الروسي نيستريف وخطف ذهبية مسدس ضغط الهواء، تقدمت الصين واليابان الى منصات الشرف مؤكدتين قدوم آسيا التي نحن جزء منها الى ساحات النزال. ليس أمامنا سوى المتابعة بعيون الغبطة والغيظ فلا تزال رياضة العرب الأولمبية ترتع في دهاليز الحقد العرقي ونحن نتخطى حتى تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف جراء حالة الهروب الأزلي من مواجهة تحديات القدرات والإمكانات متحمسين بفوارق العرقيات والجنسيات التي زرعها مستعمرونا فينا عندما وجدوا فينا تربة صالحة لتغذيتها سعياً لتبرير كل الإخفاقات. ستمضي المنافسات وستكبر مع كل دقيقة سجلات الأرقام القياسية والمتهاوية وتترعرع معها أحلام البطولة وتكبر الأماني وتختلط الدموع بالابتسامات ولا نملك سوى التأسي والحسرة على ما أصاب قلوبنا من قسوة وعقولنا من صدأ العرقيات وسيسدل الستار على هذا العرس الأولمبي لنجمع نحن الفتات ونبدأ البكاء على حليبنا المسكوب لنكرر نفس العبارات الخاوية ونطالب بما نحن لسنا مؤهلين له من إصلاحات أملاً في تغيير صورتنا الباهتة التي لن تتغير طالما نحن نغط في سبات من الصراعات. فهل حاولنا تغيير أنفسنا قبل أن نطرح مطالبنا المؤدية إن صدقت بشيء من هذه الإنجازات؟ ما زلنا في بداية الطريق، وسبقونا بآلاف الكيلومترات لكننا لم نخط بعد خطوتنا الأولى حتى نحلم بمجرد أهليتنا للدخول مع زمرة المتسابقين في رحلة الألف ميل. * البيان الاماراتية