من بين ما يعتز به الايطاليون من أطباق ومنتجات الطعام والحلوى التي تذكر بمهارتهم الطهوية ونزعتهم للابتكار واقبالهم على ملذات الحياة وطيبها والتي أصبحت معروفة في كل أطراف العالم يتمتع الجيلاتي بمكانة خاصة تزداد قيمة في أشهر الصيف. ورغم أن تاريخ الجيلاتي الذي تصنعه أيدي نحو 160 ألف حرفي ايطالي يعملون في 35 ألف معمل ومحل يصنعونه بأنواعه ونكهاته المتنوعة ويبيعونه للمستهلكين طازجا يعود الى قديم العصور فإن انتشاره يعود في العصور الحديثة الى الايطاليين.وقال الباحثون ان الدوقة الايطالية كاترينا دي ميديتشي أول من أدخل عادة تقديم الجيلاتي أو (الجيلاتو) وتعني (بارد) في شكله الاول والمعروف بال (سوربيتو) وتأتي من الكلمة العربية (شربات) الى موائد ملوك أوروبا وسادتها في العصور الوسطى عندما جهزه أحد طهاتها الصقليين في قصر اللوفر الملكي الفرنسي عام 1533. وعرف عامة الناس في أوروبا الجيلاتي الذي ظل حكرا على موائد النبلاء وعلية القوم عام 1660 عندما فتح الطاهي الايطالي الصقلي بروكوبيو كولتيللي مقهاه (كافيه بروكوبيو) أمام مسرح (كوميدي فرانسيس) الشهير في باريس. ورغم أن الفضل لانتشار الجيلاتي أو الايس كريم أو الداندورمة او البوظة الذي يتهافت الأطفال والكبار على (تذوق) أقماعه من البسكويت المحمص في تنزهاتهم وما بين الوجبات وفي سهراتهم وتقدمه المطاعم الشعبية وأرقاها وتحضره السيدات في بيوتهن يعود الى الايطاليين الذين ينتظر أن ينفقوا اربعة مليارات يورو هذا العام للتمتع بأنواعه اللذيذة فان المؤرخين يقولون ان العرب هم من نقل اليهم الجيلاتي ابان دولتهم العامرة في صقلية. وعرف القدماء في الشرق منذ الفراعنة في مختلف العصور والحضارات الجيلاتي في صور بسيطة وبدائية، إذ ان المصريين القدامى كانوا يقدمونه في كؤوس من الفضة نصفها من الثلج ونصفها من عصير (شربات) الفاكهة. ويحكى أن الاسكندر الأكبر كان يأمر أثناء حملته الى الهند أن تتوفر دائما في معسكره كميات من الثلج ليأكله مخلوطا بالعسل والفاكهة. ويؤكد الباحثون أن انتشار الجيلاتي الفعلي في أوروبا جاء على أيدي الصقليين الذين تعلموا صنعته من المسلمين وجددوا وابتكروا في وصفاته التي لا تزال احداها حكراً عليهم وتسمى (الكاساتا) الصقلية حتى اليوم. ورغم تقدم صناعة الأغذية الحديثة وانتشار أنواع الآيس كريم المحفوظة أو التي تقدم عبر ماكيناته الحديثة في المحال العامة فإن طعم ومذاق الجيلاتي المصنع يدوياً على الطريقة الايطالية يبقى أمراً آخر لا يضاهى، وأخذ مؤخرا في الانتشار الشديد في مدن أوروبا الغربية مع انتشار المطاعم والوجبات الايطالية الشهيرة. ويختلف الجيلاتي الذي يصنع عبر تبريد خليطه مع تقليبه المستمر حتى درجة 20 مئوية تحت الصفر ليبقى طريا خفيفا عن السوربيتو الذي ينحصر على استخدام عصائر الفاكهة المجمدة والمهروشة. وينقسم الجيلاتي الى قسمين أحدهما يستخدم الفواكه مضروبة مع اضافة السكر والماء والآخر بالكريمات قاعدته الحليب والبيض في بعض الحالات مع المذاقات المختلفة كالشيكولاتة والقهوة والفانيليا وغيرها. ويقدم الجيلاتي عادة بعد الانتهاء من الوجبات الرئيسية في كؤوس زجاجية في تواليف بين مبتكرة وتقليدية مخلوطا بقطع الفاكهة والعصائر والصلصات السائلة الساخنة أو الباردة مضافا اليه القشدة الايطالية المعروفة بال (بانا) ويمكن اضافة المكسرات وقطع الحلوى وما الى ذلك أيضا. أما في الشوراع والمنتزهات فيقدم الجيلاتي الذي يفضل مزج أنواعه في أقماع البسكويت أو في الأكواب الكرتونية بالبانا أو من دونها.