اتبع ابوبكر الرازي المنهج العلمي البعيد كل البعد عن الرمزية والسحر والخرافات القائم على التجربة العلمية المخبرية، فقسم منهجه العلمي في ميدان علم الكيمياء الى ثلاثة اقسام هي: 1 في معرفة العقاقير التي تستخدم في علاج المرضى. 2 في معرفة الآلات التي تستعمل في العمليات الجراحية. 3 شرح التجارب بتعيين الخطوات التي يقوم بها الكيميائي حتى يصل الى النتيجة المطلوبة. ومما لايقبل الجدل ان ابابكر الرازي يعتبر من طلاب جابر بن حيان الازدي الاوفياء في ميدان علم الكيمياء، حيث يعترف الرازي بفضل استاذه الكبير جابر بن حيان عليه في كل مناسبة. فالرازي هو الذي درس كيمياء جابر بن حيان دراسة دقيقة ونظمها وبسطها للباحث وللقارىء اللبيب، وزاد عليها ما قدمه من نظريات كثيرة في مجال علم الكيمياء.والمتواتر عن المؤرخين للعلوم ان منهج الرازي العلمي التجريبي لايختلف ابدا عن منهج استاذه جابر بن حيان. ولاشك في ان لكل من جابر بن حيان الازدي وابي بكر الرازي فضلا عظيما على اشراق الكيمياء الحديثة، لانهما كانا المحركين لتقدمها واخراجها من السحر والرمزية والخزعبلات والخرافات البالية والوصول بها الى ماهي عليه اليوم (العصر الحادي والعشرين الميلادي). وقد لخص فرات فائق في كتابه ابوبكر الرازي مآثر الرازي في مجال علم الكيمياء: 1 وصف التجارب العلمية وصفا دقيقا، مبينا في ذلك التفاعلات الكيميائية (منهج الرازي العلمي التجريبي). 2 اعتبار التجربة في علم الكيمياء اساسا للتأكد من صحة الاعمال الكيميائية، وجعل علم الكيميائية يقوم على التجارب العلمية الدقيقة. 3 اعتبر المستحضرات الكيميائية من الطب، وطبق نتائج هذا العلم على علاجات المرضى. 4 حضر بعض الاحماض مثل حامض الكبريتيك بتقطير الزاج الاخضر وسماه زيت الزاج، ونقل العالم الغريب ابير حامض الكبريتيك عن الرازي وسماه كبريت الفلاسفة. 5 وحصل على الكحول بتقطير المواد السكرية والنشوية المتخمرة، واستعمل الكحول في الصيدليات لاستخراج العقاقير. 6 وقاس الوزن النوعي لعدد من السوائل مستخدما ميزانا خاصا سماه (الميزان الطبيعي). وقد بلور ابوبكر الرازي طريقة اجراء التجارب العلمية المخبرية ورصد الخطوات التي تبناها بدقة رائعة مبينا بكل جلاء نتائج التفاعلات الكيميائية. كما وصف بوضوح تام الآلات والمواد الكيميائية والتجارب التي كان يستخدمها للوصول الى النتائج العلمية المطلوبة. ويقول مصطفى عبدالغني في كتابه الكيمياء عن العرب سلك ابوبكر الرازي في بحوثه وتجاربه الكيميائية مسلكا علميا خالصا وسجل نتائجه بدقة فائقة مما جعل بعض الباحثين في مجال علم الكيمياء يعتبرونه مؤسس الكيمياء الحديثة. ويقول قدري طوقان حافظ في كتابه تراث العربي العلمي في الرياضيات والفلك: وضع الرازي كتابا نفسيا هو كتاب سر الاسرار وضمنه المنهاج الذي يسير عليه في اجراء تجاربه، فكان يبتدىء بوصف المواد التي يشتغل بها، ثم يصف الادوات والآلات التي يستعملها. وبذلك يصف الطريقة التي يتبعها في تحضير المركبات.. كما كان يشرح كيفية تركيب الاجهزة المعقدة، ويدعم شروحه بالتعليمات التفصيلية الواضحة. ولسنا بحاجة الى القول: إن هذا التنظيم الذي يتبعه الرازي في كتابه هو تنظيم يقوم على اساس علمي يقرب من التنظيم الذي يسير عليه هذا العصر في المختبرات.