باتت السعودية محوراً رئيساً من محاور التنافس في سباق الرئاسة الأمريكية بين المرشح الجمهوري، الرئيس الحالي، جورج دبليو بوش، والمرشح الديموقراطي السيناتور جون كيري في حملة الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها في نوفمبر (تشرين الثاني)، القادم يعتز بوش بما أنجزته العلاقة مع السعودية على صعيد مكافحة الارهاب، ويهاجم كيري ما يصفه ب"قرب" منافسه من السعودية و" تأثر"سياساته بهذه العلاقة. كثيراً ما يردد بوش انه "قبل 11 سبتمبر كان الارهابيون في السعودية يجمعون الاموال ويجندون الاشخاص وينشطون .. أما اليوم فان الحكومة السعودية تحارب القاعدة واصبح العالم وامريكا اكثر امانا". واصبح هذا الخط ضمن تصريحات بوش امرا ثابتا في خطاباته الانتخابية. لكن المرشح الديمقراطي يرى ان على الولاياتالمتحدة ان تكف عن الاعتماد على السعودية، خاصة في الجانب النفطي. فقد اعلن في خطاب ألقاه امام مؤتمر حزبه "اريد ان تعتمد امريكا على إبداعاتها وابتكاراتهاالخاصة" واصبح انتقاد السعودية قاسما مشتركا بين معظم خطاباته الانتخابية. وبالرغم من موقفي السلبي تجاه كلا المرشحين للرئاسة في كثير من القضايا إلا أن الشعور الذي ينتابني كسعودي في أعقاب ورود انباء وتعليقات حول موضوع كهذا شبيهة بشعوري في اعقاب خروجي من فيلم المخرج الأميركي مايكل مور (فهرنهايت 9/11)، وهو شعور بالفخر بأثر بلادي الفاعل في اوساط السياسة واتخاذ القرار في الولاياتالمتحدة. مايكل مور بنى فيلمه الشهير -الذي ما زال يحقق ايرادات عالية في صالات السينما العالمية والامريكية بالذات- على العداء لبوش، ومن حق مور ان يعادي من يشاء، وان يناصر من يشاء، لكن عداءه لبوش بناه على كون بوش يرتبط بعلاقات وثيقة سياسياً ومالياً مع السعودية! واراد مور ان يقنعنا بغباء منقطع النظير، وان رافقه حرفية فنية، بأن بوش سيئ وغبي لأنه ترك القتال في افغانستان ولم يُسقط ابن لادن، وتوجه الى العراق، كل ذلك لأن بوش يخاف أن تؤثر متابعة اسامة بن لادن، على صداقاته المالية مع اشقاء أسامة! رَكّز فهرنهايت مور على السعودية في ثلثي الشريط تقريباً، ووقف أمام سفارتنا في واشنطن، وتحدث عن ارقام ضخمة تستثمرها الرياض في امريكا، وهكذا يفعل كيري، فهو يريد ان لا تعتمد بلاده على النفط السعودي، وطالما الحديث لا يزال في دائرة احاديث المرشحين، فهو لا يخرج عن كونه محاولة للعب على كسب دوائر انتخابية، لكن فوز كيري سيجعله يعلم، يقينا من مستشاريه، بأن الاستغناء عن السعودية، مكلف مادياً وسياسياً، وأنه لن يقدر على دفع كلفة كهذه. [email protected]