مايكل مور ليس مشهورا بضبط النفس, ومع ذلك عندما تعلق الامر باظهار هجمات 11 ايلول في فيلم (فرنهايت 11/9) اختار الاعتدال: الشاشة تبهت وتسود والجمهور يسمع الهدير ودوي الانفجارات عندما تصدم الطائرات مركز التجارة العالمية وصيحات شهود العيان. وبعد اكثر من دقيقة تعود الشاشة لتظهر وجوها فزعة تتبعها مشاهد بطيئة للغبار والحطام المتطاير في منهاتن. ولا تظهر الطائرات والمركز على الشاشة ابدا. وكان مور قد تحدث مع اقارب ضحايا 11 ايلول فقال له احدهم انه كان صعبا جدا على عائلات الضحايا مشاهدة الطائرات وهي تضرب برجي مركز التجارة التي كانت تعرض ويعاد عرضها المرة تلو المرة. اذن الناس تفرجوا على الكارثة من كل زاوية ممكنة, وعليه قرر مور ان يربك التوقعات ويخلق انطباعا اقوى - بدون صور. خلال مهرجان كان السينمائي حيث فاز فيلم (فرنهايت 11/9) على جوائز عديدة, قال مور للاسوشيتدبرس: فكرت ان كثيرين سيتوقعون ان مايكل مور سيعطيهم كل شيء عن 11/9 فلماذا لا نذهب في الاتجاه المقابل؟ وعلى فكرة متى كانت آخر مرة ظلت الشاشة سوداء دقيقة وعشر ثوان؟ الفيلم وصل الى صالات العرض في شهر حزيران الماضي بعد جدال لم يسبق له مثيل حول اي فيلم تسجيلي. وعلى غرار فيلم (آلام المسيح) لميل غيبسون استقطب الفيلم الجماهير, وتبنته جموع يسارية الميول ومناهضة للرئيس بوش. وقالت جماعة (Move on) النشطة ان 000ر107 على الاقل من اعضائها قرروا حضور الفيلم خلال عطلة الاسبوع الاولى للعرض. ويستعيد مور السباق الحامي في انتخابات الرئاسة سنة 2000م, مكررا تظلمات المعارضين بان بوش سلب الفوز من منافسه آل غور. وبعد ذلك يصف بوش بانه رئيس متهرب ومتعاون كان يهتم بعطلته التالية اكثر من اهتمامه بالامن القومي عندما حدثت كارثة 11 ايلول. ويتطرق مور الى علاقات بوش مع المملكة العربية السعودية واسامة بن لادن, ثم يتهم البيت الابيض باستخدام تهديدات غامضة بأعمال ارهابية في المستقبل, من اجل كسب تأييد الامريكيين للحرب في العراق. مور يلجأ الى روحية الفكاهة الصارخة ويستخدم مقاطع من خطابات بوش الركيكة ليضفي على الفيلم بعض اكثر لحظات الفيلم طرافة. كما انه يرفق المشاهد بالحان موسيقى البوب من اجل الاضحاك الساخر, ويحقق وقفات مسلية, مثل قراءة قانون المواطنة عبر مكبرات صوت سيارة آيس كريم خارج مبنى الكونغرس لتذكير الاعضاء الذين قيل انهم صوتوا على مشروع القانون دون قراءته. وقال مور: السبب الذي جعلني اعتقد انني حققت هذا النجاح المحظوظ في الوصول الى جمهور اوسع مما وصل اليه اي فرد في اليسار هو انني بديت التسلية والفن على السياسة. من الصعب للغاية لاي فرد من اليسار المهني ان يعطي الاولوية لاي شيء على السياسة, ولهذا السبب هم يخسرون. لان لا احد يريد ان يصغي ولا احد يريد ان يكون حواليها. انا لا اريد ان اكون حواليها. ولقد قلت لي ان (فرنهايت 11/9) هو مجرد فيلم ضد بوش لا اعرف ما اذا كنت اذهب لاشاهده.. لماذا اهدر ساعتين في الصالة لاعرف ان بوش سيىء اذا كنت احس بذلك اصلا؟. والحقيقة ان السجال بدأ قبل مهرجان كان السينمائي عندما بدأ مور يهاجم شركة ديزني لرفضها السماح لفرعها ميراماكس بتوزيع (فرنهايت 11/9). وقال رئيس ديزني مايكل ايزنر ان الفيلم مشحون بالسياسة اكثر مما تستطيع ان تتحمله الشركة. وعلى الاثر وقع مور ومؤسس ميراماكس هارفي وبوب واينستين اتفاقا لتوزيع وتسويق الفيلم بالمشاركة مع ليونز غيت واي. اف, سي فيلمز. نقاد مور متفقون في شكوكهم بان المخرج يشوه الحقائق ويخرج مواد ارشيفية من سياقها ليجعلها متناسبة مع مقولته. وقال مايكل ويلسون الذي يخرج فيلما وثائقيا بعنوان (مايكل مور يكره امريكا) الذي ينتقد الاساليب التي يتبعها مور: اعتبر الفيلم غير نزيه ويحتوي على تشويه بغية التشديد على نقطة او التنكيت. ويلقى مور معاملة مماثلة في كتاب آخر من تأليف دافيد هاردي وجيسن كلارك بعنوان: (مايكل مور رجل ابيض سمين وغبي), الذي تنشره دار ريغان التي نشرت ايضا الكتاب الذي وضعه مور نفسه ووصل الى قائمة الكتب الاكثر مبيعا وهو بعنوان (رجال بيض اغبياء), والذي يهاجم فيه بوش ورفاقه. ويقول مؤيدو مور ان الرجل هو هجاء ذو اسلوب صالح وفريد من نوعه. ويقول جوناثان سهرينغ, رئيس شركة اي. اف سي. فيلمز: نحب ان نعمل مع سينمائي لديه وجهة نظر ونحب ان نعطيه منصة ليطلق منها رؤياه. لا يستطيع اي سينمائي ان يصنع فيلما كهذا في اي مكان في العالم. الحكومات لن تسمح بذلك.