عزيزي رئيس التحرير اتسم مجتمعنا بحرصه على التكافل الاجتماعي فيما بينهم، وشمل الجميع بالاهتمام والرعاية على كافة الأصعدة، بناء على ركائز نمت في نفوسنا من تعاليم ديننا الحنيف والتي تحث على هذا المسعى بشكل كبير، ولذا حرص الجميع على تحقيق هذا التكامل بشكل يثير الإعجاب. ولعل شريحة كبيرة من المجتمع كانت والى زمن قريب تحظى بتلك الرعاية والاهتمام، إلا أن عوامل الزمن أسهمت في تقليص هذا الدور، وأن يؤول الى الأفول، شريحة تعيش بين الجدران تتأمل الشفقة ممن يعيشون في أرجاء الحياة، وتتلمس فيهم الرحمة والدعوة الى المشاركة والاسهام في تحمل ظروف الحياة، تلكم فئة الأيتام، من أبناء البلد ألجأتهم الظروف القاهرة أن يتحصنوا بتلك الجدران خوفا من مفاجآت الحياة، حاصرتهم الظروف هناك وهم يأملون فيمن يشاركهم ويبعث النور في أرجاء حياتهم، وكثيرا ما يتطلع القائمون على تلك الدور في مساعدة معنوية تضفي متغيرات على واقع تلك الدور الأليمة. خاصة ان كثيرا منهم يعيش صراعات النقص والحرمان مما حظي به من هم في أعمارهم فيخوضون أوقات فراغهم في شحن تلك الصراعات والتي تصل في بعض الأحيان الى حالات نفسية متأزمة ويصعب حلها، والحل أبسط مما يتصوره البعض في مشاركة أولئك الصغار بعض مجرات حياتهم، واضفاء صبغة المعاونة والمساعدة مما يبعد الجو الخانق والناتج عن ايجاد تلك الأجواء المشحونة بالتوتر والقلق. من أبناء هذه البلاد من أثبت صفاء قلبه وجمال سريرته بالعطف على تلك الفئة، والمساهمة الجادة في تأهيلهم وتفعيل أدوارهم في خدمة المجتمع، واشراكهم في حياة الناس سواء بسواء مع الغير لا مزية عليهم ولا فارقة، وبهذا تمثلت محبة الكثيرين لهم. وكم أسهمت الدولة رعاها الله في تأهيل هذه الفئة من خلال الدور والمباني المجهزة بعناية وحرص توافق متطلباتهم وحوائجهم، وكم بذلت في سبيلهم الأموال، ويسرت لهم الالتحاق بشتى المؤسسات الحكومية من تعليمية أو توظيفية وغيرهما. والدور الآخر منصب على المجتمع الذي تعيش فيه هذه الفئة من مشاركة بسيطة لاتتمثل في بذل أموال بقدر ما تهتم من بذل العطاء النفسي وشحن غماره بالسعادة والعطف والرقة، والمشاركة الفعلية من خلال ممارسة اللعب معهم ومشاركتهم أفراحهم، فلا تتصور مدى الفرحة التي يعيشها لمجرد تبسمك له. ولا ننسى ان تلك الدور تعج بالحكايات المؤلمة والتي خاطتها الأحزان والآهات، وستظل تعانيها الصدور بقية الدهر، وما عليك إلا زيارة قصيرة الى هناك لتكون على علم واطلاع بما يحدث هناك. ومن الحق الذي أجده على نفسي أن أشير إلى دور امرأة أسهمت وما زالت في تقديم الدعم لأولئك الأطفال من خلال برامج خاصة تقدمها لهم من خلال دعمها والاسهام فيها، واشراك أولئك الأطفال في واقع الحياة من خلال اصطحابهم في جولات خارجية على حسابها الخاص، وبرعايتها الشخصية، لتمثل وببساطة دورا عظيما ومحوريا هاما في زرع الحياة الصافية في قلوب أولئك الأطفال، ولا نأمل من أطياف المجتمع إلا غيضا من ذاك الفيض العظيم، لأن في الخير القليل بركة. ألا يكن لكل منا ان يفيض بشيء من حنانه وعطفه ناحية أولئك الأطفال المساكين، فهم في حاجة ماسة لشفقتك وحنانك ومشاعرك الصادقة والمحبة، فلا تبخل عليهم بشيء من عاطفتك، وأبواب تلك الدور تنادي وترحب بكل من يشارك أولئك الأطفال ابتسامتهم وسعادتهم والتي تزيد من نشاطهم وفعاليتهم وخدمتهم في المستقبل لدينهم ووطنهم ويسهمون في الارتقاء بمجتمعهم، وتقبلوا تحياتي. @@ أحمد خالد العبدالقادر