فجأة وفي خطوات متسارعة انتقلت ازمة دارفور من خانة الصراع الداخلي الى حيث التدويل في مسار تدفعه قوى هائلة ويسير على نفس المنوال الذي آلت اليه مشكلة الجنوب لمن يراقب الاوضاع السودانية في اللحظة الحالية ان السودان مقبل على ازمة كبيرة والخوف ان يتحول السودان الى كيانات هشة متصارعة احدها في الجنوب وثانيها في الغرب وثالثها في الوسط والشمال النيلي. بداية مشكلة دارفور لقد بدأت مشكلة دارفور في مرحلتها الحالية في فبراير 2003 اي منذ حوالي العام وبعد ان تم اتفاق ابشي في سبتمبر 2002 بدا ان المشكلة قابلة للحل وانه يمكن احتواؤها في اطار العمليات السياسية الداخلية حيث اعترفت الحكومة السودانية من خلال هذا الاتفاق ولاول مرة بان مسلحي دارفور يعبرون عن قضية سياسية وان لهم مطالب يجب مناقشتها والوصول الى تفاهمات مشتركة حولها رغم ان الحكومة تصر على ان ما يجري من احداث يدخل في اطار الصراعات القبلية وعصابات النهب المسلح. بعد وقف اطلاق النار الذي اقرته اتفاقية ابشي بين الطرفين بدأت جولة من المفاوضات بوساطة من الرئيس التشادي ادريس اديبي وهي الجولة التي انعقدت في ديسمبر 2003 وعرفت باسم "نجامينا الاولى" وقد انهارت الجولة قبل ان تبدأ حيث ان وفد التفاوض عن مسلحي دارفور طرح مطالب تعجيزية تتمثل في الحصول على حكم ذاتي واسع النطاق مع تخصيص 13% من عائدات البترول السوداني لمنطقة دارفور وكذلك احتفاظ الحركات المقاتلة باسلحتها وقواتها تحت سيطرتها بمعزل عن القوات المسلحة السودانية من خلال اتفاق محدد وهي نفس المطالب التي ترفعها الحركة الشعبية في الجنوب. وقد قام الرئيس التشادي حينها بانهاء هذه الجولة لعدم معقولية مطالب المسلحين لتبدأ نتيجة لذلك جولة جديدة من الصراع العسكري الذي دخلته حكومة الخرطوم بثقلها في محاولة منها لاخماد التمرد وضرب نقاطه العسكرية تمهيداً لحله سياسياً في الاطار الداخلي ولكن هذه الاستراتيجية نتج عنها نتائج خطيرة حيث تزايدت اعداد النازحين بسبب المعارك ووصلت الى اكثر من 700 الف وبدأت المنظمات الدولية في الحديث عما يجري في دارفور قبل ان ينزلق الى تطهير عرقي مثل ما حدث في رواندا من قبل. ثم انعقدت مفاوضات (نجامينا الثانية) برعاية دولية حضرها الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة والاتحاد الافريقي ويمكن القول ان دارفور تسير الان على خطى مشكلة الجنوب وان مسار المفاوضات يجري تحديده بواسطة الاطراف السودانية المتفاوضة بل من الاطراف الدولية الراعية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي. لقد انتهت (نجامينا الثانية) الى اتفاق لوقف اطلاق النار وفتح الطريق لوصول المساعدات الانسانية والاغاثية للمتضررين وتشكيل آلية للرقابة على وقف اطلاق النار. ولايات دارفور ولايات دارفور تشمل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ونيالا عاصمة جنوب دارفور وتبلغ مساحة ولاية جنوب دارفور نحو 149 الف كيلو متر ويعيش سكانها على الزراعة وتربية الاغنام والابقار والضأن وتشكل اعلى نسبة للثروة الحيوانية في البلاد حيث ان الحل لا يأتي الا من الداخل بعيداً عن التدويل وان الذين يقومون بالتمرد يشكلون نسبة 10% من سكان دارفور لهم مصالح خاصة ورأوا ان التفاوض مع الحكومة في الجنوب ادى الى مكاسب لاهل الجنوب. معسكرات النازحين وقد اقيمت معسكرات للنازحين في مدينة نيالا منها معسكر كلما ويقع على بعد 14 كيلومتراً من نيالا وقد تم اعداده لاستيعاب 14 الف نازح وحرص والي الولاية على ان يشكل هذا المعسكر حياة متكاملة للنازحين فوضعت فيه مراكز شرطة ومدارس واسواق ومواقع ايواء لكل هذه المؤسسات اعتمدت في البناء على الطبيعة والمناخ الخاص بالمناطق الجبلية فالاكواخ من الحصير وسعف الجريد والمعسكر يضم 12 فصلاً دراسياً للتعليم الاساسي ويستوعب 1500 تلميذ وتلميذة الا ان الاوضاع في دارفور تتجه نحو الاستقرار حيث بدأ النازحون في العودة الى قرام وقد قدمت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات مساعدات عاجلة لاهالي دارفور حيث قدمت المملكة العربية السعودية 60 الف طن من الاغاثات وصلت الى مدينة الفاشر وارسلت خمس طائرات اغاثة اخرى لتبني الاعمار في عدد من القرى المدمرة. وقد نفى وزير الشئون الانسانية السوداني ان تكون اعداد النازحين من دارفور الى تشاد قد جاوزت المائة الف نازح مشيراً الى ان الاممالمتحدة قد تراجعت عن هذا الرقم موضحاً ان اعداد النازحين الموجودة لدى الاممالمتحدة لا يتجاوز الستين الف نازح. وقال مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية ان الاوضاع في دارفور تحتاج الى مساعدات انسانية وليست عسكرية ولو كانت تحتاج الى مزيد من القوات العسكرية لارسلت الحكومة السودانية قواتها المسلحة الى هناك لحسم الامر. ودعا الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان لزيارة دارفور ليتأكد من الاوضاع هناك مؤكداً ان كوفي عنان تأثر في مطالبته بارسال قوات دولية عسكرية الى دارفور بالتقارير التي يرفعها اليه مندوبة في الخرطوم وتقارير المنظمات العاملة في الخرطوم والتي ظلت الحكومة السوادنية تشكك فيها طوال الفترة الماضية..وقد قام عنان بزيارة السودان وزار معسكرات اللاجئين. وقال وزير الخارجية السوداني انه شعر بالقلق بمجرد ان قال كوفي عنان في الذكرى العاشرة لاحداث رواندا وبروندي ان دارفور تذكرة بهذه الاحداث وقال ان هناك مخططاً غربياً يتم طبخه خاصة بعد ان رفع ايان اجلاند المفوض السامي للامم المتحدة تقريراً مليئاً بالمغالطات وعلى الفور قام وزير الخارجية بزيارة الى دارفور التي يزعمون ان الحكومة السودانية تمارس فيها تطهيراً عرقياً وذلك باصطحاب ممثلين للسفارتين الامريكية والفرنسية اضافة الى الاتحاد الاوروبي ومنظمات الاغاثة السودانية والدولية والصليب الاحمر الدولي اضافة الى وزراء العدل والداخلية والصحة السودانيين. ومن جانبه صرح الرئيس الامريكي جورج بوش بانه يتعين على حكومة السودان ان تضع حداً للحرب الاهلية التي طال امدها قبل ان تتحرك الولاياتالمتحدة نحو تطبيع العلاقات معها. مدينة الفاشر وتقع مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور وقد قام بزيارتها الرئيس السوداني عمر البشير وشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر عقدته القبائل والقوى السياسية والحزبية حول السلام والتنمية في ولاية شمال دارفور وقد حدد هذا المؤتمر القضايا والمشاكل في دارفور والتي ادت الى القتال بين القبائل في عدد من النقاط منها الجفاف والتصحر وضعف البنيات التحتية وضعف التعليم وتفشي الفقر والامية وضعف هيبة الدولة والنهب المسلح والتعصب القبلي والتمرد وحمل السلاح. وقد اوصى المؤتمر بحل مشكلة دارفور بالحوار والتفاوض ورفض التمرد ورفض تدويل قضية دارفور.. ودعم وتمكين القوات المسلحة والقوات النظامية من الدفاع حفاظا على وحدة وسلام الوطن ووضع خطة محكمة لجمع السلاح واعادة فتح اقسام الشرطة ومحاربة جميع عمليات النهب المسلح وتنظيم حركة النقل والانتقال بين ولايات دارفور ودول الجوار والعمل على عودة النازحين واللاجئين واعادة بناء المنازل المحروقة والتعويض عن الممتلكات. وقد سلم عموم قبائل ولاية شمال دارفور والفاشر وثيقة عهد وميثاق بين القبائل اولاً ثم بين اهل السودان كافة ثم وثيقة عهد مع الحكومة وابرز نقاط وثيقة العهد والميثاق نبذ دعاوى العنصرية والدعوة للتعايش واحترام حقوق الاخرين في الحياة والمحافظة على توعية القوات المسلحة والقوات النظامية كرموز للسيادة الوطنية. وثيقة العهد والميثاق تنص هذه الوثيقة على البنود الاتية: @ وقف اطلاق النار بين الطرفين ووقف كل العمليات العدائية التي من شأنها ان تؤدي الى تفاقم الاوضاع. @ التحكم والسيطرة على المجموعات المسلحة غير النظامية في مسارح العمليات. @ اطلاق سراح كافة اسرى الحرب والمقبوض عليهم والذين لهم صلة بالعمليات القتالية. @ التزام الطرفين بارساء دعائم السلام الدائم والشامل بالمنطقة من اجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. @ يتم تجميع قوات جيش تحرير السودان في مواقع يتم تحديدها بين الطرفين. @ انسحاب المجموعات المسلحة غير النظامية متزامناً مع تجميع القوات. الجنجويد كوفي عنان لدى زيارته للسودان