في تعاملاتنا , نقاشاتنا , نظراتنا وفي زحمة الحياة "هناك جوع للحب والتقدير أكثر من جوع الخبز في هذا العالم" هذه مقولة رائعة أشعرتني بقشعريرة عندما أحسست أنها فعلا ما نعيشه وما كنت دائما أردده بصورة أو بأخرى . فنحن نفتقده في كل شيء وفي كل لحظة بدءا من الأسرة وانتهاء بالمجتمع . يعم البرود كل جدران المنازل و الطرقات والشوارع والمدارس ودوائر العمل . عندما تتجه إلى أي مكان لا تجد إلا وجوها متجهمة أو ابتسامات باهتة وغبارا على كل معالم الوجوه حتى وجوه الأطفال. أصبح كل شيء , كل حوار عن المادة وسوق العمل والأسهم والحرب ولا شيء سوى الحرب في كل شيء , حرب المادة وحرب الشعوب وحرب الأرض. غابت الابتسامة المشبعة بالفرح . طغى عالم المادة والحرب على حواراتنا ومفرداتنا. نسينا كيف نحب وكيف نتعاطى مع من حولنا . البيوت يلفها صمت الحرب الباردة , والمجتمع ملتف بحزن الجنائز والملامح الواجمة حيث تراجعت المودة بين الأفراد . عبثا حاولوا خوض الحب المنتحر في عالمنا. فالحب لا ينحصر بين رجل وامرأة , الحب أن ترى كل من حولك بدءا ببيتك وأهلك بعين المحبة, أن تتعاطى مع مرؤوسك , من هم تحت يدك أن تنزل -لا أن تهوي- من برجك العاجي لمستوى العامة, أن تعيش همومهم في زمن بات فيه النخبة من المجتمع يعيش فوق مستوى الأرض . فبالحب نستخرج أفضل ما لدينا و وبالقسوة والعنف نستخرج أسوأ ما لدينا . وفي أمة طغى فيها الحرب على الحب نحتاج فعلا أن نتحرر من قيود أنفسنا أن نعيش الحاضر ونوقف بكاء التاريخ ودموع الثكلى فما فات لن يعود ولكن هناك ما هو قادم , فلنؤسس تاريخا جديدا ونبن لمستقبل أفضل لأرضنا وأنفسنا, أن نقتلع الخوف من داخلنا , أن نحرر إنسانيتنا من عبث الألقاب ونعيش للآخرين كما لأنفسنا أن نثور على الوهن واليأس والانحدار فأوضاعنا على شفا جرف هار . أن نتحضر أخلاقيا , أن نعرف أصول ثقافة الفكر والرأي , أن نطبق فلسفة التحضر التي ما ننفك نتحدث عنها صباح مساء, فللأسف بتنا ننظر للغد دون أن نفكر لأدنى لحظة أننا نسينا أن نعيش اليوم و لم نخطط للغد وهذه أزمة شعوبنا , وخسرنا كل شيء ونسينا أننا بشر ونسينا أن نبتسم ونسينا أن نحب ونسينا أشياء أخرى كثيرة.