لا يتأتى الإصلاح من خارج حدود أي دولة تسعى إليه بل لابد من أن ينبع من داخل المجتمع نفسه وأن يكون متوافقا مع ثقافته وتاريخه وتراثه وهذا ما أشار إليه سمو النائب الثاني في حديث صحفي يوم أمس الأول. فزمن المعجزات لا يتكرر اليوم، وبالتالي فإن القفز على حقيقة أوضاع المجتمع أمر لا يمكن أن يحدث على أرض الواقع، ومن يتصورون ذلك فإنهم ( يريدون أن يضعوا في يد الدولة عصا موسى ) وهو أمر يدخل من باب المستحيلات. والمملكة بدأت استجابة لخطواتها التنموية والتطويرية في اتخاذ سلسلة من البرامج الإصلاحية تمثلت في خطوات عديدة من أهمها تشكيل لجنة التربية التي أوكلت إليها مهمات تصويب وتحديث مناهج التعليم دون المساس بجوهر المواد الدينية، ومن خطوات الإصلاح تلك التنظيمات الجديدة التي اتخذتها الدولة لتطوير العمل في المجالين الاقتصادي والاستثماري وإنشاء هيئة السوق المالية، كما أن موافقة الدولة على إحداث العديد من الأنظمة الاستثمارية كنظام ضريبة الاستثمار في الغاز الطبيعي ونظام مراقبة شركات التأمين التعاوني ونظام تبادل المنافع بين نظامي التقاعد والتأمينات ونظام نزع الملكية العقارية للمنفعة العامة وغيرها من الخطوات التنظيمية تصب كلها في روافد الإصلاح التي تضع المملكة في مكانها الطبيعي واللائق بين الأمم المتقدمة وتدفعها إلى تحقيق تنميتها الصناعية المستديمة والنهوض باقتصادها الوطني. وهكذا فإن المملكة تسعى إلى تحقيق إصلاح يتناغم مع استشراف مستقبلها وفقا لتنظيمات إدارية واقتصادية من شأنها أن تؤدي إلى نتائج مضمونة دون الإخلال بثقافتها وخصوصيتها. فالإصلاح المؤدي إلى افضل المردودات هو ذلك النابع من احتياجات المجتمع الفعلية للتحديث والنمو بما يتوافق مع خصوصيته وتراثه. ولا يمكن بأي حال من الأحوال استيراد تجارب الآخرين في الإصلاح وتطبيقها بحذافيرها على هذا المجتمع أو ذاك.