تطوير القائد ليس مجرد استخدام لعدة أدوات من حقيبة، أو إتباع لاستراتيجيات واردة في كتاب. بل تتطلب القيادة انغماسا تاما فيما تقوم به، يبدأ بتغيير ذاتك، ودعوة الآخرين بذلك ليحذوا حذوك. وبذلك تكون أنت القائد، دون حاجة لفرض سلطتك على الآخرين. يعمل مؤلف كتاب "دليل قيادة التغيير" روبرت كوين مستشارا لقادة الأعمال والحكومة في الولاياتالمتحدة، ويساعدهم على فهم وإدارة التغيير. وهو أيضا مؤلف لعدة كتب تدور حول نفس الموضوع، بالإضافة إلى كثير من المقالات. وهو أستاذ الدراسات العليا بكلية إدارة الأعمال بجامعة ميتشيجان. يستعرض الكتاب حقيقة أساسية من حقائق القيادة الفعالة الناجحة، وهي أنها تدور حول من نكون، وليس ما نقوم به. ولمواجهة مخاوفنا وتسخير تميزنا، علينا أن ندفع بقدراتنا لتكوين قيادة ملهمة ومن أجل تغيير مستمر. وتبدأ القيادة - من وجهة نظر الكاتب - من قيادة القائد لذاته، قبل قيادة الآخرين. إذ يساعده ذلك على التغلب على مخاوفه من القيادة ومن تغيير نفسه والآخرين. وبذلك يؤكد المؤلف على مقولة أن "التغيير بكل أنواعه يبدأ بالتغيير الداخلي للذات". يعتبر هذا الكتب جزءًا مكملا لكتاب سابق لنفس الكاتب باسم "التغيير العميق". وفيه أكد المؤلف أن بإمكان أي شخص أن يصبح قائدا للتغيير. ولكن ذلك يتطلب منه أولا وقبل أي شيء آخر أن يبدأ بتغيير نفسه. وقد لقي هذا الكتاب نجاحا كبيرا، ليس من خلال قراءته فقط، بل أيضا من خلال تطبيقه. وكانت التجربة ناجحة بالنسبة للكثيرين، بحيث كتبوا للمؤلف يشكرونه على نصائحه، ويطلبون منه نشر قصص نجاحهم. فكان هذا الكتاب الذي نستعرضه اليوم. ولكن الكتاب ليس مجرد مجموعة من قصص التطبيق الناجح لمبادئ قيادة وتغيير الذات والآخرين التي وردت في الكتاب الأول. فقد شجع نجاح التجربة المؤلف على التقدم خطوة أخرى، ليكوّن نموذجا جديدا متكاملا للقيادة السليمة، وهو ما سماه "الحالة الأساسية للقيادة". وتصف حالة التحول التي تصيب القائد عند التغيير. ويؤكد المؤلف أن بإمكان أي شخص أن يدخل في تلك الحالة عن طريق إتباع ثماني ممارسات للنزاهة المتنامية التي يجب أن يتصف بها القائد، وهي: 1)خطوات تنفيذية بعد تفكير عميق 2)ارتباط صادق وعميق بما يقوم به، وذلك عن اقتناع تام 3)الفضول الحميد، وكثرة التساؤل وعدم الأخذ بالمسلمات 4)تكوين رؤية واضحة على أساس متين ثابت وراسخ 5)ثقة مرنة بالآخرين، أي ليس من خلال الحكم عليهم حكما مسبقا أو ثابتا لا يتغير بتغير الأحداث 6)الاعتماد المتبادل دون أن يكون اعتمادا تاما معيقا 7)الحرية المسئولة 8)حب عارم لما أنت مقبل عليه. يستعرض المؤلف كل واحد من تلك الممارسات في فصل منفصل. وفي نهاية كل فصل يتحداك أن تقوم بتقييم ذاتك حسب كل ممارسة منها وأن تضع خطة لتطورك الشخصي. من ناحية أخرى يشجع المؤلف بكتابه هذا على التقليل من ظاهرة مقاومة التغيير، التي تقابل أي تغيير في أي مجال. فهو يحبب إلينا التغيير، سواء كان بداخلنا أو بداخل الآخرين، موضحا إيجابياته وممارساته البسيطة البعيدة عن التعقيد. وإذا كان التغيير يختص بالإجراءات والبشر، فإن المؤلف يشدد على أن العامل البشري هو الأهم. وأنه إذا كان متلقي التغيير عنصرا هاما، فإن محرك التغيير له أيضا أهميته. وإن لم يصبه التغيير هو نفسه، فلن يتمكن أبدا من تغيير الآخرين، مهما حاول. وبذلك يقدم لنا المؤلف أيضا تفسيرا لفشل عديد من محاولات التغيير التي تشهدها المؤسسات خاصة. أما إذا كنت ممن يعتقدون أن القائد يغير ولا يتغير، فعليك بقراءة هذا الكتاب، لتغير رأيك - عن اقتناع تام. Building the Bridge As You Walk On It: A Guide for Leading Change By: Robert Quinn 244 pp. ذJossey-Bass