رغم مرور (57) سنة على نشوء قضية الشرق الاوسط عندما قام الغرب ممثلا في الحكومة البريطانية بايجاد وطن لليهود في فلسطين ووقوع ثلاثة حروب بين الدول العربية واسرائيل هي حرب 1948م وحرب 1967م وحرب 1973م ورغم تشرد الشعب الفلسطيني في بعض الدول العربية ودول اخرى في العالم, وصدور قرارات المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الامن الدولي بحل مشكلة هذا الشعب وحل القضية الفلسطينية واتفاقية اوسلو السرية بين اسرائيل والفلسطينيين وكذلك الجهود التي بذلها الرئيس الامريكي بيل كلينتون في سبيل ايجاد الحل لهذه القضية والمبادرة العربية التي اقترحها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد السعودي - حفظه الله - وهي مبادرة منطقية وعادلة تهدف الى حفظ حقوق الشعب الفلسطيني والاعتراف باسرائيل واحترام سيادتها يضاف الى ذلك الاتفاق الذي تم بين المجموعة الرباعية وتضم الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي وهيئة الاممالمتحدة فيما يعرف بخارطة الطريق وكذلك الوعود التي طرحت بانه بعد اسقاط نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين سوف يتم العمل وبشكل جدي لحل نزاع الشرق الاوسط. رغم قرارات مجلس الامن واتفاق اوسلو وجهود الرئيس كلينتون والمبادرة العربية وخارطة الطريق وسقوط نظام الحكم العراقي لماذا لم تحل هذه القضية حتى الآن ولماذا لا ترغم اسرائيل على تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي. ان الحل بعد هذه الجهود سهل وميسر ان كانت اسرائيل والمؤيدون لها تتوافر لديهم الجدية في الوصول الى الحل وهو الانسحاب من الاراضي المحتلة سنة 1967م بكاملها بما فيها مدينة القدسالشرقية والتي يوجد بها المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مقابل الاعتراف باسرائيل كدولة في المنطقة من حيث سيادتها وحقها في الامن الا ان اسرائيل تتصرف بعيدا عن تحقيق هذا الحل السهل والفرصة المتاحة لها بعد ان كانت تتمنى اعتراف العرب بها وقبولهم بوجودها والآن بعض العرب اعترفوا بها والبقية سيقومون بذلك اذا تحقق الانسحاب الكامل كما ان الفلسطينيين تفاوضوا مباشرة معها وقاموا بتعديل ميثاقهم لكي يسمح بالقبول بوجود اسرائيل, كما ان المؤيدين لاسرائيل قد جمدوا الجهود المبذولة للحل وآخرها خارطة الطريق مما يعني عدم توافر الجدية لديهم للوصول الى حل هذه المشكلة التي تعتبر من اكبر المشاكل العالمية والتي حلولها واضحة وجلية اذا توفرت النية الصادقة والجدية لتنفيذ هذه الحلول. ان الاستمرار في مصادرة حقوق الشعب الفلسطيني وعمليات الحصار والدمار والتجويع والقتل بما في ذلك اغتيال القادة الفلسطينيين والذين كان آخرهم قائدي حركة حماس الشيخ احمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي دليل آخر على ان اسرائيل قد دخلت مرحلة اليأس والعجز عن مواجهة المقاومة الفلسطينية وهو اسلوب بالتأكيد غير ناجح ولن يحقق لاسرائيل شيئا بل بالعكس ان مردوده سيكون سلبيا على اسرائيل بزيادة رد الفعل الفلسطيني والعربي والاسلامي تجاهها, فالفلسطينيون كلما انتقموا من اسرائيل بسبب عملياتها اللاانسانية تجاههم او بسبب قيامها باغتيال قادتهم يعقب ذلك ان تقوم اسرائيل بالرد على الانتقام الفلسطيني عن طريق الدبابات والجرافات والطائرات عندما تقوم بمهاجمة الفلسطينيين العزل في اسواقهم ومساكنهم والنتيجة ان الذي يدفع الثمن هم المدنيون من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. لقد جربت اسرائيل سياسة الحصار والدمار والقتل او ما يعرف بإرهاب الدولة ولم توقف هذه السياسة نشاط المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني وذلك لسبب بسيط وهو ان تحرير الاوطان واسترجاع الحقوق يعد من اهم المطالب والحقوق الانسانية لا يؤثر عليه او يوقف عجلته اختفاء شخص او شخصين او اكثر حتى ولو كانوا من الشخصيات القيادية لان المقاومة اي مقاومة انما تنطلق من مبادئ راسخة ومجردة تتمثل في نيل الاستقلال والتخلص من الاحتلال واستعادة الحقوق ولهذا السبب فان مقاومة الشعب الفلسطيني سوف تستمر الى ان تتحقق له هذه الاهداف, وعلى اسرائيل ان تدرك بان اسلوب الرد عن طريق الاغتيالات او المداهمات او القصف بالطائرات لن يعود بالفائدة عليها وعلى شعبها, وان عليها التفاعل مع نداء السلام. ان الفلسطينيين والعرب قدموا الكثير من التنازلات في سبيل الوصول الى السلام وهي التنازلات التي كانت تطالب بها اسرائيل لكي يتحقق السلام ومنها شطب ما ورد في ميثاق منظمة فتح المتضمن المطالبة بتحرير فلسطين من البحر الى النهر وهو ما تحقق حيث اكتفى الفلسطينيون بعد هذا التنازل بالمطالبة بالضفة الغربية لنهر الاردن وقطاع غزة كما هما حسب حدود الرابع من يونيو سنة 1967م لاقامة دولتهم الا ان اسرائيل بدلا من ان تقابل بالتقدير لهذا الموقف والمبادرة بالانسحاب الفوري من الاراضي الفلسطينية فانها قد سلكت موقفا معاكسا يدل على عدم رغبتها في السلام ومنح الفلسطينيين حقوقهم بما في ذلك الانسحاب من ارضهم فقد طالبت اسرائيل بالدخول في مفاوضات. وقد اثبتت الايام ان تلك المفاوضات طويلة ومعقدة ولم تسفر حتى الآن عن شيء مفيد للفلسطينيين.