شهدت اسعار النفط تراجعا خلال شهر يونيو الماضي عن المستويات القياسية التي سجلتها في مايو، ومع ذلك فقد بقيت الاسعار ضمن نطاق مرتفع نسبيا. وافاد بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الذي صدر الاسبوع الماضي عن اسواق النفط ان اجتماع اوبك في بيروت في الثالث من يونيو الماضي كان وراء انخفاض الاسعار بحيث اتفق اعضاء المنظمة على زيادة الانتاج بهدف تهدئة المخاوف حول نقص في الامدادات النفطية. وبعد ان بلغت الاسعار ذروتها عشية الاجتماع، خسرت حوالي 3 دولارات مباشرة بعده لتواصل انخفاضها تدريجيا خلال الشهر الماضي اثر تأقلم السوق مع التوقعات بزيادة الانتاج خلال الاسابيع المقبلة. واضاف تقريرالبنك ان استمرار التوترات في العراق ونيجيريا وروسيا عمل على الحد من التراجع في اسعار النفط، حيث يقدر ان تنطوي الاسعار على علاوة مخاطر ناتجة عن احتمال تعطيل الامدادات النفطية. وعلاوة على ذلك، فعلى رغم تعهد اوبك بزيادة الانتاج، قد تستغرق كميات النفط الخام الاضافية اسابيع عدة قبل الوصول الى المستهلك، مما يبقي مخزونات السوق الاميركية متدنية نسبة للطلب القوي طوال موسم الصيف، ولا سيما لوقود السيارات. وأشار التقرير الى ان النمو القوي في الطلب العالمي على النفط هو الدافع الرئيسي وراء الاسعار المرتفعة. وقد جاء الانتعاش الاقتصادي في الولاياتالمتحدة والطلب المرتفع من الصين والشرق الاقصى بشكل عام بما يفوق توقعات المنتجين والاسواق، مما حمل مركز دراسات الطاقة الدولي والوكالة الدولية للطاقة على رفع تقديراتهما لنمو الطلب الى 2.9% خلال عام 2004، وهي اسرع نسبة نمو منذ سنوات، ويأتي ذلك عقب نمو قوي نسبيا خلال العام الماضي، في وقت تراجعت فيه المخزونات النفطية الى مستويات تاريخية. وخلال اجتماعهم في يونيو، قرر اعضاء اوبك زيادة سقف الانتاج بواقع مليوني برميل يوميا ابتداء من يوليو، ليرتفع بذلك السقف الرسمي لانتاج المنظمة الى 5.25 مليون برميل يوميا، كما ستتبع زيادة اضافية بواقع نصف مليون برميل يوميا في اغسطس. ويفيد مراقبو الاسواق بأن الانتاج الفعلي لأعضاء الاوبك باستثناء العراق قد فاق الحصص المقررة بكثير خلال الاشهر القليلة الماضية، حيث بلغ الفارق خلال شهر مايو اكثر من 11%. كما يقدر ان يكون انتاج هذه الدول قد ارتفع بواقع 8.0 مليون برميل اضافي يوميا في يونيو. وينظر الى دول اوبك على انها تمتلك طاقة انتاجية غير مستغلة بحجم مليوني برميل يوميا، بحيث تكمن معظم تلك الطاقة لدى المملكة ودولة الامارات العربية المتحدة، ولكن يرجح ان تبلغ القدرة على زيادة الانتاج بشكل مستمر اقل من ذلك. وتقول تقديرات مركز دراسات الطاقة الدولي: لو حافظت اوبك على مستوى الانتاج الحالي على الاقل حتى نهاية العام الجاري، ولم يحدث اي انقطاع في الامدادات النفطية من المنتجين الآخرين، فعلى الارجح ان تتراكم المخزونات النفطية على نحو كاف لخفض الاسعار تدريجيا. ولكن مع استمرار المخاوف الامنية البالغة في العراق، يبدو انقطاع صادرات النفط العراقي لفترة طويلة امرا محتملا. وقد تراجع انتاج العراق من النفط بمقدار 450 الف برميل يوميا منذ مارس الماضي. وحتى لو ظلت الدول العشر الرئيسية في اوبك تنتج بمستوياتها الحالية طيلة ما تبقى من هذا العام، فمن المرجح ان ترتفع الاسعار ليصل متوسط سعر النفط الخام الكويتي الى 37.9 دولار للبرميل بحلول الربع الاخير من عام 2004، وليبلغ متوسط السعر للعام ككل 33.6 دولار. من جهة اخرى، فقد تؤثر اسعار النفط المرتفعة سلبا في انتعاش الاقتصاد العالمي، مما يؤدي الى تراجع النمو في الطلب العالمي على النفط خلال النصف الثاني من هذا العام. فعلى الارجح ان تستجيب اوبك لمثل هذا السيناريو بخفض انتاجها خلال الربع الاخير لتعيق اعادة بناء المخزونات النفطية. مسؤولية جماعية من جانبها اكدت نشرة (اخبار الساعة) ان استقرار سوق النفط هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق المنتجين والمستهلكين معتبرة أن الأوضاع السياسية العالمية الحالية قد لا تساعد في تحقيق هذا الاستقرار. واضافت النشرة التي تصدر عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ان تقرير وكالة الطاقة الدولية اظهر ولو بشكل غير مباشر تأثير الجهود التي بذلتها الدول الأعضاء من أجل إشاعة الاستقرار في سوق الخام وخفض الأسعار عن المستويات غير المرغوبة من خلال إشارته إلى الزيادة الفعلية في إنتاج المنظمة ..لافته الى ان التوقعات بينت أن فورة الارتفاع في الطلب العالمي على النفط بفضل قوة الانتعاش الاقتصادي لدى الدول الرئيسية المستهلكة هي العامل الأساسي وراء ارتفاع الأسعار. واشارت النشرة الى تقديرات الوكالة التي تؤكد ان الطلب العالمي على النفط شهد نموا بنحو 3ر2 مليون برميل يوميا خلال العام الحالي أو بنسبة 9ر2 في المئة الى 18 مليونا و100 الف برميل يوميا فيما يمثل أكبر زيادة يسجلها منذ عام 1980 معتبرة ان هذا النمو بحد ذاته وحتى بافتراض سعي الدول المنتجة إلى تلبيته كان كافيا لكي يعزز الأسعارالأمر الذي يؤكد مجددا خطأ الاتهامات التي تصاعدت في وقت سابق والتي حملت السياسة الإنتاجية لأوبك مسؤولية الارتفاع في أسعار الخام. واعربت نشرة /اخبار الساعة/ في ختام افتتاحيتها عن اعتقادها بان مستويات الأسعار الحالية المرتفعة ستستمر على المدى المنظور وبصرف النظر عن السياسة الإنتاجية للدول المنتجة حتى يطرأ فتور فعلي على الطلب العالمي.