إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين, بل يفرح بتوبة عبده اليه اعظم من فرحة انسان كان بأرض فلاة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه, فانفلتت منه فأيس منها فجلس الى جذع شجرة ينتظر الموت فأخذته اغفاءه ثم افاق فاذا بها واقفة عند رأسه, وعليها طعامه وشرابه, فقام اليها وامسك بزمامها ثم صاح من شدة الفرح:. اللهم أنت عبدي وأنا ربك. فسبحانه ما اعظمه وارحمه. يفرح بتوبة عبده ليفوز بجناته ويحظى برضوانه وهو جل وعلا ينادي عباده المؤمنين فيقول: ( وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) فالتوبة غسل القلب بماء الدموع وحرقة الندم, فهي حرقة في الفؤاد ولوعة في النفس وانكسار في الخاطر ودمعة في العين, انها مبدأ طريق السالكين ورأس مال الفائزين وأول المريدين ومفتاح استقامة المائلين. التائب يضرع ويتضرع ويهتف ويبكي. اذا ارتاح الناس يقوم ويقف بين يدي خالقه ومدبر أمره وينادي ويهتف بأسماء ربه وصفاته. قلب العاصي حزين مهموم مغموم , لا يفرج كربه ولا يفرح قلبه الا دمعة تنزل من عينيه فتغسل ذنوبه, والعاصي بعد توبته اذا قام بين يدي خالقه بقلبه , المحزون وفؤاده المغموم وتذكر عظيم ذنوبه هاجت عليه احزانه واشتعلت حرقات فؤاده وأسال دمعه فانفاسه متوهجة وزفراته بحرقة فؤاده متصلة: ==1== يا نفس توبي فان الموت قد حانا==0== ==0==واعص الهوى فالهوى ما زال فتانا==2== ومن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرط حسرة وخوفا تقطع قلبه في الآخرة اذا حقت الحقائق وظهرت الوثائق وحضرت الخلائق: (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا) النبأ. ان في قلب كل الناس شعث لا يمله الا الاقبال على الله , وفيه وحشه لا يزيلها الا الانس به في خلوته, وفيه حزن لا يذهبه الا السرور بمعرفته، وفيه نيران وحسرات لا يطفئها الا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك. فان الله اذا أحب عبدا ابتلاه كي يتضرع إلى الله ويتوب, وكلما كانت محبة الله كبيرة كلما كان اختباره صعبا. ان الحيوانات تفر من الموت تريد العيش أكثر ..والكافر العاصي المذنب أشد فرارا من الحيوانات , لأنه يعلم أنه سوف يعاقب اشد العقاب بعد موته. محمد فيصل البيطار