لا تقارن عملية إنشاء خطوط هاتفية تربط مساحات شاسعة من الغابات الاستوائية الأفريقية في الجابون أو جمهورية الكونغو الديمقراطية مثلا بعملية ربط لندن بالمدن الأخرى في بريطانيا. ففي المناطق الأفريقية لا توجد كهرباء بالإضافة إلى عدم وجود خطوط مواصلات في أماكن عديدة منها. بالإضافة إلى وجود العديد من المشاكل الإقليمية والتوترات السياسية والحروب. وبالرغم من ذلك، يرسل رئيس احدى اكبر شركات التليفونات النقالة في أفريقيا رسالة إلى مجتمع رجال الأعمال مفادها: لا تخافوا من أفريقيا. ورفض د محمد إبراهيم، رئيس شركة سلتل والتي تدير عددا من المشروعات في 14 دولة أفريقية، ما وصفه بالسمعة السيئة لأفريقيا في مجال الاستثمار قائلا: تتسم نظرة العالم إلى معظم أجزاء أفريقيا بالريبة. ولا تحوز أفريقيا إلا على القليل من الاهتمام. وأضاف إن إمكانية الدول الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى على تحقيق أعلى معدلات للنمو تعتبر حقيقة ممكنة. لقد توسعت مشروعات الشركة خلال ستة أعوام لتشمل معظم الدول الأفريقية الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى من سيراليون في الغرب إلى أوغندا وتنزانيا في الشرق. وتظهر الإحصائيات الأخيرة حول أداء الشركة أن عدد المشتركين بلغ أكثر من أربعة ملايين مشترك وحققت الشركة أرباحا تقدر بمبلغ 151 مليون دولار. بيد أن هذه الأرقام تبدو ضئيلة بالمقارنة بعشرات الملايين من المشتركين في الشركات الأوروبية العملاقة مثل فودافون و اورنج. ويتنافس مع شركة سلتل عدد من الشركات العملاقة. ففي سوق جنوب أفريقيا والذي يعتبر من الأسواق المتقدمة تمكنت شركة فودا فون من مضاعفة عدد المشتركين بها. بينما تصل نسبة مستخدمي الهاتف النقال في الدول الأفريقية جنوبي الصحراء الكبرى والتي تعمل بها شركة سلتل إلى 2.8 بالمئة بالمقارنة بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى 22 بالمائة. ويصف د إبراهيم أن نوعية المشتركين في الشركة من المتعلمين ورجال الأعمال في المدن الكبرى. ويقول د إبراهيم الذي ولد في جنوب السودان وعمل لمدة ثلاثين عاما في بريطانيا إن قرارنا بجعل مقر شركة سلتل خارج أفريقيا يعكس الصعوبات التي تواجه الشركات العاملة في أفريقيا مثل صعوبة التنقل والسفر والمواصلات بين حدود الدول الأفريقية. للأسف فأن السفر عبر الدول الأفريقية لا يعتبر تجربة سهلة فلو كنا قد اتخذنا مقر الشركة في غرب أفريقيا فأننا سنحتاج للسفر إلى أوربا أولا للوصول إلى أحدى الدول في شرق أفريقيا. ولا تخفى الشركة التي يوجد مقرها في هولندا حقيقة أن وجود مقرها خارج القارة الأفريقية قد يشجع المستثمرين للنظر إلى الشركة بجدية. وتقع معظم المشروعات التي تديرها الشركة في أكثر المناطق خطورة في العالم. ويضيف إبراهيم: إننا لا نريد أن نخاطر بحياتنا. ولحسن الحظ أن الخدمة التي نقدمها خدمة عالمية وأن جميع الأطراف في حاجة إلى استخدام هذه الخدمة. وبات ينظر إلى هذه الخدمة مثل الماء والهواء. لذا فأننا لم نتعرض أبدا إلى الإيذاء أو الاعتداء. وبالرغم من الأوضاع الناجمة عن الحروب والفقر، يساور عدد من المراقبين الدوليين الأمل في نمو قطاع الاتصالات في أنحاء أفريقيا. وذكر تقرير أصدره اتحاد الاتصالات الدولية في مايو الماضي أن أفريقيا من أكثر الأسواق التي تحقق نموا في قطاع الهواتف النقالة حيث تحقق مبيعات أجهزة الهواتف النقالة نموا سنويا بلغ حوالي 56 بالمائة. ويتنبأ اتحاد الاتصالات الدولية ان تصل نسبة المشتركين في خدمات الهواتف النقالة إلى 20 بالمئة مع حلول عام 2010. وتتراوح متوسط تكلفة استخدام هاتف نقال حوالي 25 دولارا شهريا مما يجعل من ملكية هاتف نقال حلما بعيد المنال لملايين من الأفارقة. وتخطط الشركة لزيادة حجم التوسع لمشروعاتها في أفريقيا ولكننا نفكر في استبعاد العمل في الدول التي لا تحترم القانون أو الملكية الخاصة. وهناك حاجة ملحة لاستخدام الهواتف النقالة في أفريقيا. ففي أي مكان تجد فيه قطاع اتصالات متطورا تجد الديمقراطية بمعنى إذا كنت تحمل هاتفا في يديك فإن لك رأيا.