يبدأ رئيس وزراء سوريا محمد ناجي عطري زيارة عمل الى تركيا اليوم هي الاولى له منذ تشكيله الحكومة السورية في شهر سبتمبر العام الماضي وهي الزيارة الثانية لرئيس حكومة سورية بعد زيارة سلفه محمد ميرو. وسيبحث عطري مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان جملة من القضايا الثنائية المتعلقة بسبل تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري واقامة المشاريع المشتركة اضافة الى قضايا اقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك. وشهدت العلاقات السورية التركية تحسنا ملحوظا منذ عام 1998 حين استطاع الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد ان يطمئن تركيا الجارة الشمالية لسوريا بحسن نوايا سوريا عندما وقعت سورياوتركيا انذاك اتفاقية (اضنه) الامنية. وتقوم سوريا بموجب اتفاقية اضنه بالحفاظ على امن تركيا عبر حدودها ومنع أي تسلل اليها وخاصة من حزب العمال الكردستاني وبالتالي الغاء أي وجود لهذا الحزب في الاراضي السورية حيث كانت تركيا تتهم سوريا قبل التوقيع بايواء زعيم حزب العمال عبدالله اوجلان قبل اعتقاله وكذلك جماعاته وتدريبهم. وشهدت هذه العلاقات تحسنا ملموسا ايضا عند تسلم حزب العدالة والتنمية الذي يحظى بتأييد شعبي واسع في تركيا رئاسة الحكومة ليعيد تركيا الى موقعها في صميم احداث المنطقة. وقام الرئيس السوري بشار الاسد بزيارته التاريخية الى تركيا وهي اول زيارة لرئيس سوري منذ الاستقلال عام 1946 وسجل في تلك الزيارة انعطافا هائلا في التعاون السوري التركي. وتأتي زيارة رئيس الوزراء السوري لتركيا لمتابعة نتائج زيارة الرئيس الاسد لاسيما ما يتعلق بالتعاون السوري التركي من اجل دعم المصالح الاقتصادية المتبادلة بين البلدين . وعلى الرغم من ان زيارة رئيس وزراء سوريا تتصف بطابع اقتصادي لترسيخ المصالح الاقتصادية المتبادلة بين دمشق وانقرة فانها ستركز كذلك حسب ما يراه المحللون على الاوضاع العامة في المنطقة لاسيما الوضع في العراق الذي يقلق دول الجوار. وتكتسب زيارة عطري الى تركيا صبغة سياسية الى جانب صفتها الاقتصادية كونها تأتي قبل اجتماع يعتزم وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق عقده قريبا. وتأتي زيارة عطري بعد نشاطات سياسية قامت بها سوريا وتعقب زيارة قام بها الرئيس السوري بشار الاسد الى ايران وقبلها الى دولة الكويت وجميعها دول مجاورة ومهمة للعراق وكذلك زيارة نائب رئيس وزراء العراق برهم صالح الى سوريا. وشكلت تركياوسورياوايران قبل تحرير العراق لجنة ثلاثية على مستوى وزراء الخارجية تجتمع دوريا لبحث الاوضاع في شمالي العراق. من جانبها قالت مصادر رئاسة الوزراء السورية ان عطري سيوجه الدعوة لنظيره التركي رجب طيب اردوغان لزيارة سوريا لترجمة ما سيتم الاتفاق عليه على ارض الواقع من اتفاقيات حكومية في مجالات الري والزراعة والتجارة والاستثمار واقامة شركات مشتركة. كما سيتم خلال الزيارة توقيع اتفاقيات بين رجال الاعمال والقطاع الخاص واكثر من 15 مشروعا مشتركا بين الجانبين سيتم تنفيذها في المجال الصناعي والري واستصلاح الاراضي في منطقة حلب شمالي سوريا. واتفقت سورياوتركيا على تحديد منطقة التجارة الحرة بين منطقتي عنتاب التركية وحلب السورية . واضافت مصادر رئاسة الوزراء ان الوضع في العراق سيكون من المواضيع السياسية البارزة على جدول اعمال المباحثات بين الجانبين حيث سيؤكدان دعم الشعب العراقي وسيادة العراق ووحدته ارضا وشعبا. وفي مجال عملية السلام ودور تركيا فيها ترحب الاوساط السورية باي جهد تقوم به تركيا واي جهة دولية لتحريك هذه العملية على كافة المسارات. واستبق وزير الدولة التركي للشؤون التجارية كورشاد تورمان في تصريح صحافي زيارة عطري بالتأكيد على ان زيارة الرئيس الاسد الى تركيا اوائل العام الحالي اعطت العلاقات زخما كبيرا مشيرا ان الجانبين لديهما الرغبة المشتركة في تطوير العلاقات في جميع المجالات. وفي المجال التجاري اشار الوزير التركي الى ان التبادل التجاري يسير لمصلحة سوريا مضيفا ان الصادرات التركية انخفضت قليلا مقارنة بالواردات الا ان التبادل التجاري كله ازداد حيث بلغ حجمه في عام 2003 حوالي 820 مليون دولار امريكي منها 407 ملايين صادرات و413 مليونا واردات. واعرب عن توقعاته ان تكون الصادرات هذا العام بحدود 400 مليون دولار والواردات 500 مليون. ويأمل الجانبان زيادة حجم التبادل التجاري بينهما الى حوالي ملياري دولار واعادة النظر في الاتفاق التجاري الموقع بينهما بحيث يأخذ بعين الاعتبار التطورات الحالية والمستقبلية لعلاقات البلدين السياسية والتجارية التي شهدت في الآونة الاخيرة تطورا ملحوظا او لجهة احتمال انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي او توقيع سوريا اتفاقية الشراكة مع اوروبا واقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبيرة او قرب توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين سوريا ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وكل ذلك يعد ارضية مشتركة لتنظيم العلاقات بين الجانبين السوري والتركي اضافة الى تشجيع الاستثمارات والفرص المتاحة للاستثمار في سوريا والتي تتمتع بجدوى اقتصادية ومنها الصناعات الكيماوية والنسيجية والغذائية. ويقترح الجانبان ضرورة إنشاء شركة تسويق مشتركة لترويج السلع السورية والتركية في السوق الأوروبية واتخاذ الإجراءات لتسهيل تجارة الترانزيت بين تركيا ودول الخليج العربي. اما القضية العالقة وهي تقاسم مياه نهري دجلة والفرات بين البلدين فستكون مدار بحث أيضا حيث تطالب سوريا بتقاسم عادل وفق القوانين الدولية التي تحكم تقسيم المياه بين الدول المتشاطئة علما ان البلدين تربطهما اتفاقية مؤقتة تقوم تركيا بموجبها بتزويد سوريا ب 550 مترا مكعبا في الثانية. وسبقت زيارة عطري الى تركيا زيارة لوزير الزراعة عادل سفر هدفت الى بحث اقامة مشاريع زراعية مشتركة على طول الحدود بعد نزع الالغام من مساحة حوالي 700 كيلو متر من اصل حوالي 900 هي طول الحدود بين البلدين. ووقع سفر خلال زيارته الى تركيا مع الجانب التركي مذكرة تفاهم لانتاج الآلات والأدوات الزراعية وامكانية انشاء سد مشترك على نهر العاصي لانتاج الطاقة الكهربائية وري الأراضي الزراعية وانشاء مشاريع مشتركة لتصنيع اجهزة الري. وكان البلدان عقدا ندوة شارك فيها اكثر من 700 رجل اعمال في حلب لدراسة المشاريع المشتركة التي سيبدأ الطرفان بتنفيذها وفي اطار تشجيع قدوم رجال الاعمال الاتراك بالتوافد على سوريا للاستثمار واصدرت وزارة الداخلية قرارا يقضي بمنح رجال الاعمال الاتراك والتجار والصناعيين سمات الدخول والمرور من مراكز الحدود مع تركيا مباشرة دون الرجوع الى اية جهة اخرى. ويرافق رئيس الوزراء السوري في زيارته وفد وزاري يضم وزراء الري والسياحة والنقل وعددا من معاوني الوزراء ورؤساء فعاليات تجارية وصناعية واقتصادية والتوقيع على مذكرات تفاهم واتفاقيات وبرامج تنفيذية لاتفاقيات سابقة في مجالات الري والسياحة وجذب السياح الاتراك الى سوريا عن طريق مجموعات اضافة الى توقيع اتفاقيات في مجال النقل البري والبحري والسككي واعادة تشغيل قطار الشرق السريع والتعاون في مجال اقامة سوق للاوراق المالية في سوريا بالاستفادة من بورصة اسطنبول. وفي اطار تشجيع الاستثمار بين سورياوتركيا اصدر الرئيس السوري بشار الاسد عشية زيارة عطري الى تركيا قانونا يقضي بتصديق اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل الموقعة بين سورياوتركيا.