أم المفاجآت هي المعجزة اليونانية التي تحققت بالفوز ببطولة اوروبا لكرة القدم التي اختتمت ليلة امس الاول في حدث تاريخي لا يتكرر مع مثل هذه الدول الصغيرة في عالم الكرة، فقد اصبح البطل التاسع في تاريخ البطولة هذه المرة يونانيا ودخلت اليونان التاريخ من اوسع الابواب ولتنضم الى جانب كبرى دول اوروبا التي فازت باللقب من قبل وهذه هي المشاركة الثانية لليونان بعد عام 1980 . عندما خرجت من الدور الاول دون ان تحقق اي فوز، ولكن المشاركة الحالية غيرت كل المفاهيم وضربت بالتوقعات والتكهنات ومكاتب المراهنات عرض الحائط بعد مشوارها الناجح الذي بدأته واختتمته بالفوز على البرتغال البلد المنظم مرورا بباقي المنتخبات حيث ابكت اليونان حاملة اللقب فرنسا وتبعتها تشيكيا الرائعة. ورغم تصدر فريق اليونان مجموعته في التصفيات فإن احدا لم يرشحه لعبور الدور الاول في البطولة الا ان الفلسفة اليونانية الاغريقية والصرامة الالمانية للمدرب وراء كل هذه التحولات الجذرية التي اصابت كرة اوروبا، فقد كسرت قاعدة المستحيلات الكروية حيث لم يتوقع اكثر المتفائلين تأهلها . وفوزها المستحق الذي جاء عن جدارة وهو اثبات للحقيقة ان الفريق الجيد يستطيع ان يفوز مهما واجه من صعوبات وفرق اكثر تاريخا وعراقة ونجوما ولكن العزيمة والاصرار والدفاع عن اسم الوطن وعن الفانيلة الزرقاء التي ظلوا يدافعون عنها بشجاعة مثيرة للاعجاب وراء الانجاز الكبير. وتأتي هذه البطولة الكبرى في وقت مناسب جدا قبل تنظيم اثينا للدورة الاولمبية المقبلة، فاليونان قدمت للعالم الالعاب الاولمبية والحضارة اليونانية، فقد قدم نجوم الكرة هدية غالية للحكومة والشعب قبل تنظيمهم الاولمبياد واستضافتهم عشرات الالاف من الرياضيين الذين سيتوافدون نحو اليونان حيث تستقبل ابطال قارات العالم للمشاركة في واحدة من ابرز التجمعات والتظاهرات العالمية التي تقام كل 4 سنوات. جاء فريق الكرة اليوناني من "الظل" ليثير الرعب في المنافسين ويحقق الفوز تلو الاخر وقد رأينا مشاهد ودموع الفرح من اليونانيين حبا وتعاطفا مع هذا الفريق الصغير الذي "اكل الكبار" وقدم درسا لكل المنتخبات بأن الفوز للمجتهدين وان الانضباط والالتزام التام داخل وخارج الملعب . واللعب الجماعي بعيدا عن الفردية كفيلة بترجيح كفة اي فريق وهنيئا لهم اللقب الكبير والى نجاح من نوع آخر في اولمبياد اثينا ليخرج الكبار ويواصل الصغار حتى اليوم النهائي والذي توج فيه الملك اليوناني بطلا لواحدة من اهم البطولات العالمية واكثرها تألقا ونجاحا من الناحية الفنية والجماهيرية التي نظمتها البرتغال وتقبلت النتيجة بروح عالية. البيان الاماراتية