يقول مايكل سولمون في كتابه "غزو فضاء المستهلك"إن التسوق دخل عالمًا أصبحت فيه الفطائر والكعك بأشكالهما هما العلامات التجارية لا الدقيق الأبيض الذي تصنع منه الفطائر والكعك. وصار الفرد يبحث عن بغيته عبر الإنترنت. ويرى سولمون أن عهد الماركات التجارية كما كنا نعرفها قد ولي. وأصبح الناس يعتمدون- إلى حد كبير- على الماركات التجارية لتعريف هويتهم ولإضفاء معنى على عالمهم، مما يعكس تحولا كبيرًا من السوق على إطلاقه إلى فضاء المستهلك أو العالم الفضائي للمستهلك. في السوق بوجه عام، تبيع الشركات للمستهلكين وتنتج سلعًا ومنتجات بكميات كبيرة هدفها قطاعات متناسقة من السوق. لكن في فضاء المستهلك ولأن جميع الأفراد يفصحون عن ملامح هوياتهم الخاصة بهم عن طريق اختيار العلامات التجارية (الماركات) التي تعبر تعبيرًا مباشرًا عنهم، لا بد أن يبيع رجال التسويق للمستهلك نفسه. وهكذا، فإن استراتيجية تقسيم السوق إلى قطاعات بناء على تحديد الخصائص المشتركة لعدد ضخم من المستهلكين- الذين يتشاركون في الخصائص الأساسية مثل العمر والدخل والنوع والعرقية- لم تعد فعالة. ولم تعد لوسائل الإعلام الجماهيرية فائدة في الوصول إلى قطاعات مهمة عديدة. ولأن تفضيل الزبائن للمنتجات يتغير بسرعة من منتج لآخر، فإن تعقب ما يفضله الزبائن من منتجات في الوقت الحالي لم يعد يوفر ميزة تنافسية. ويتعين على رجال التسويق- بدلاً من ذلك- تعقب الحاجات والرغبات المستقبلية من أجل تطوير ماركات جديدة ورسائل إعلانية تلقى صدى في سوق دائمة التطور والتغير. ويتعين على رجال التسويق- أخذًا في الاعتبار هذا التحول- أن يتخلوا عن نظرتهم التقليدية إلى المستهلكين بوصفهم متلقين سلبيين لمعلومات التسويق، وعليهم- بالأحرى- أن يفهموا أن عليهم أن يبذلوا جهدًا الآن بشأن أي المعلومات ينبغي توجيهها للمستهلكين وتوقيت إرسالها ومكان إرسالها والوسيلة التي يتم بها إرسال هذه المعلومات. وبالطبع، فإن فرضية سولمون التي تقول ان إنتاج بضائع بكميات كبيرة لقطاعات متجانسة في السوق ليست فرضية جديدة على الإطلاق. لكن ما هو جديد هو رؤيته للسوق من خلال عدسات ترصد الواقع الاجتماعي للسوق ونفسية المستهلك في آن معًا. ويوضح سولومون بالتفصيل- مستعينًا بهذه العدسات- مدى التطابق أو الترادف بين الواقع والماركة، مما يبين أن ما يملكه المستهلكون يحدد إلى مدى بعيد من هم. وهكذا، فإنه يرسم صورة استفزازية لمن يقول أنا أستهلك إذا أنا عقلية تملك إمكانات تسويق لا نهاية لها مثلما تشكل تحديات أمام التسويق لا نهاية لها. وهذه العقلية تفرض على رجال التسويق أن يقبلوا الحقيقة المرة ويسلموا بالواقع الذي يقول إن المستهلكين يشكلون الآن العلاقات العميقة مع الماركات التجارية، بشكل لم يكن رجال التسويق يحلمون به في فلسفاتهم التسويقية. عن طريق سبر أغوار هذه العملية بعمق، وفحص ما هيتها وكيفية عملها في مراكز التسوق الكبيرة وفي المواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية، يقدم سولومون لرجال التسويق معلومات قيمة بطريقة تجعل تسويق العلاقات، التسويق المحدود، والتسويق الفردي من واحد إلى واحد وحتى تسويق العلاقة مع المستهلك يتدفق في رؤوسهم. ويصل القارئ إلى حقيقة مفادها أن كل هذه الأساليب ما هي إلا مقدمات لعالم الأعمال اليوم. وعلى الرغم من أن غرض هذه الطرق والأساليب هو إقامة علاقة اتصال ذات اتجاهين بين الشركات والعملاء، فإنها- جميعًا- تدور حول بدء رجل التسويق لهذه العلاقة. وفي الفضاء الاستهلاكي، فإن المستهلكين ينخرطون في عملية التسويق. وهم يضعون العلامة التجارية، ويوجدون هوية تجارية. ويحددون توقعات المستهلك. ويسيطرون على الحوار ويحددون قواعد السوق. وهم أشد "المنافسين" أهمية بالنسبة لرجل التسويق. وهم يقومون بعمل هذه الأشياء بطرق فريدة وغير مسبوقة. إن قيام سولمون بالوصف الدقيق لبلاد العجائب الجديدة وصف يعج بالمعلومات المفيدة والمثيرة التي تنتزع الآهات. وصولاته داخل نفسية المستهلك ودراسته لعلم اجتماع السوق وأمثلته الواقعية التي جاءت مصادفة بطريقة عفوية، ورؤاه الفريدة عن أحدث الأبحاث، كل هذا، يقدم العناصر المفقودة التي يشعر رجال التسويق بأنهم بحاجة إليها من أجل النجاح غير أنهم لم يتعرفوا عليها تمامًا حتى الآن. وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن هذه العناصر القَيِّمة تمثل البدايات الصغيرة لعملية استكشاف مستمرة تبشر بأن تفتح آفاقًا جديدة لفرص التسويق. وهكذا، فإن فهم فضاء المستهلك، كما هو موصوف هنا، لا يساعد رجال التسويق فحسب بل ويزودهم ببداية سريعة في بحث هذا المستقبل والتفاوض بشأنه. Conquering Consumer space Marketing Strategies for a Branded World By: Michael R. Solomon 288 pp. AMACOM