ما برحت الدول الافريقية النامية، التي تعتبر زراعة القطن فيها مصدرا اساسيا للدخل، تشكو من الدعم الذي تقدمه الولاياتالمتحدةالامريكية ودول الاتحاد الاوروبي لمزارعي القطن في بلادها، مما يؤدي الى انخفاض سعر هذه المادة في الاسواق العالمية، ويؤثر بالتالي بشكل سلبي على اقتصاديات الدول النامية. وكانت دول غرب افريقيا قد وجهت النقد الى دول الشمال خلال مؤتمر منظمة التجارة العالمية الذي عقد في كانكون في شهر سبتمبر الماضي. وقد اسفر المؤتمر الذي عقدته منظمة التجارة والتنمية التابعة للامم المتحدة في ساو باولو، عن نتائج ايجابية خصوصا فيما يتعلق بزراعة القطن. اعربت المنظمات غير الحكومية ومندوبو الدول الافريقية عن سعادتهم باعلان منظمة التجارة الدولية، لأول مرة، معارضتها الدعم الذي تقدمه دول الشمال لمزارعي القطن. وجاءت نتائج التصويت مؤيدة لالغاء الدعم الذي تقدمه الولاياتالمتحدة، والذي وجهت البرازيل بشأنه احتجاجا الى المنظمة الدولية. وتقول سيلين شافيريا وهى من جمعية اوكسفام: انه قرار تاريخي بالنسبة الى الجميع، خصوصا المهتمين بوضع حد لخفض اسعار المنتجات الزراعية المدعومة في الاسواق العالمية. وهذه هى المرة الاولى التي تدان فيها الدول التي تنتهك القوانين. وعلى المرء ان يتذكر ان الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الاوروبي هم الذين ارسوا هذه القواعد في اجتماع منظمة التجارة العالمية في اوروجواى. والواقع ان هذه القضية تمثل مشكلة لعدة دول افريقية، خصوصا بنين وبوركينا فاسو ومالي وتوجو، التي يمثل فيها انتاج القطن نحو 75 في المئة من صادراتها. وفي حين يكلف انتاج كيلوغرام واحد من القطن في بنين 64 سنتا، تبلغ كلفته في الولاياتالمتحدة 149سنتا. لكن المزارع الامريكي الذي يتلقى دعما سنويا من حكومته يبلغ عشرة الاف دولار، يتمكن من عرضه بسعر تنافسي، مرهق للدول الفقيرة. وفي هذا الصدد يقول صامويل أميهو مندوب دولة بنين الى منظمة التجارة العالمية: يعتمد الملايين في افريقيا في حياتهم على انتاج القطن، على العكس من الولاياتالمتحدة حيث يعتمد عدد قليل عليه. وهؤلاء يملكون مزارع كبيرة ويتلقون الدعم الحكومي. واستمرار هذه الحال يعني جوع الملايين في افريقيا، بسبب عدد بسيط من المزارعين الامريكيين. وتقدم الحكومة الامريكية دعما سنويا للمزارعين يبلغ ثلاثة مليارات وستمائة مليون دولار، يستفيد منه ثلاثون الف مزارع، ينتجون ثلث الانتاج العالمي من القطن. بينما تقدم دول الاتحاد الاوروبي دعما سنويا لمنتجي القطن بقيمة 800 مليون يورو. هذا له تأثير كبير في اسعار السوق العالمية، حيث تتسبب زيادة المعروض عالميا من القطن الى انخفاض اسعاره بنسبة عشرة بالمائة. ويرى صامويل أميهو ان الخسارة التي يتكبدها المزارعون في غرب افريقيا تفوق بكثير ما يحصلون عليه من مساعدات تنمية. بينما تقول سيلين شافيريا ان المناقشات المقبلة ستتناول موضوع دعم انتاج السكر في دول الشمال. وتجدر الاشارة الى ان زراعة القطن في الولاياتالامريكية الجنوبية لها وزن تاريخي خاص، واهمية آنية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية القادمة في الولاياتالمتحدة، واصوات المزارعين ذات تأثير فيها.