في الوقت الذي خرجت فيه مؤخرا في غانا مسيرة تضم رجالا ونساء لتأييد مشروع قانون للحد من العنف المنزلي من شأنه تسريع نظر القضايا المعروضة أمام القضاء البطيء في الدولة التي تقع بغرب أفريقيا، تساءلت بعض الجماعات الحقوقية بشأن ما إذا كانت الحكومة تتباطأ في تمرير مشروع القانون. ويقول أعضاء الجماعات الحقوقية: إن هناك حاجة ماسة لصدور مثل هذا التشريع وإن مشاركة رجال في المسيرة يظهر أن مشروع القانون لا يحظى بتأييد النساء فحسب.. وأعلن المجلس المسيحي في غانا والامانة الكاثوليكية القومية أن حوالي تسعين بالمئة من جرائم العنف المنزلي يرتكبها رجال ضد نساء وأن الجاني في 95 بالمئة من الحالات يكون الاقارب من الدرجة الأولى. وسجلت إدارة جرائم المرأة والأحداث في إدارة الشرطة في غانا خلال النصف الاول من عام 2002 حوالي 831.1 قضية عنف منزلي من بينها 679 اعتداء بالضرب على الزوجة و376 اعتداء جنسيا و262 عاهة مستديمة و85 اغتصابا و26 جريمة سب وقذف وست جرائم زنا الأقارب، وتشير السلطات إلى تزايد معدلات جرائم العنف المنزلي بمرور السنوات مما دفع الرجال الغانيين إلى اتخاذ موقف قوي مؤيد لمشروع القانون الجديد. وقال جيمس كليمان المسئول عن تنظيم المسيرة (في معظم الأحيان عندما تستمع إلى أناس يتحدثون تجدهم يقولون إن مشروع القانون هذا يخص النساء ولا يهم الرجال). وأضاف أن (هذه المسيرة تهدف إلى إظهار أن الرجال يريدون أن يشيع الهدوء داخل أسرهم ويؤيدون مشروع القانون مثلما تؤيده النساء). وتتضمن النماذج التقليدية من العنف المنزلي الاعتداء بالضرب على الزوجة أو الطفل أو الخادمة والحرمان من الطعام وإساءة معاملة أفراد الاسرة المعوقين أو المرضى واغتصاب الزوجة وختان الفتيات. وأظهرت الابحاث أن جرائم الاعتداء التي ترتكب في محيط الاسرة كثيرا ما ترتبط بحاجة الرجل إلى السيطرة على المرأة لاسيما عندما يغضب أو يشعر بتهديد مركزه بسبب مشكلات اقتصادية أو اجتماعية. وقالت هيلاري جبيدما من مؤسسة المرأة في القانون والتنمية بأفريقيا (إن الاعتداء بالضرب على الزوجة يرجع للاعتقاد الراسخ في جميع الثقافات بأن الرجل أفضل من المرأة). وأضافت أن كثيرا من قضايا إساءة المعاملة لا تخرج لدائرة الضوء بسبب المهانة الاجتماعية التي ترتبط بها. وكثيرا ما تفضل الزوجات التزام الصمت بدلا من مواجهة الخزي المرتبط بإساءة المعاملة في محيط الاسرة. ولكن برغم العواقب الوخيمة التي كثيرا ما تترتب على إساءة معاملة الزوجة وتتباين من الضرر البدني والنفسي إلى الوفاة لا يبدو أن هناك حاجة ماسة في غانا لتمرير قانون في غانا يوفر للمرأة حماية أفضل. وتنظر قضايا العنف المنزلي أمام القضاء العادي الذي اكتسب سمعة سيئة بسبب البطء الشديد في إجراءات التقاضي.. وذكر المجلس المسيحي والأمانة الكاثوليكية أن كثيرا من النساء ظللن يعانين طوال سنين من إساءة المعاملة قبل التقدم بشكوى إلى الشرطة في حق الزوج، وأضافت المؤسستان أنه مع حلول موعد نظر القضية أمام القضاء ينتاب بعض النساء خوفا شديدا من المضي قدما في إجراءات التقاضي أو يخشين من صدور حكم بالحبس على الزوج الذي يعول أطفالهن. وفي الوقت الذي يتزايد فيه الشعور بالقلق من تزايد عدد قضايا العنف المنزلي سعت كثير من المنظمات غير الحكومية إلى إصدار قانون تأمل أن يكون بمثابة رادع للحد من انتشار هذه الظاهرة، ودرست لجنة الإصلاحات القانونية هذه المسألة في عام 1999 واقترحت إصدار قانون جديد. وأعربت العديد من المنظمات غير الحكومية مثل الاتحاد الدولي للمحاميات ومؤسسة النساء في القانون والتنمية بأفريقيا وجمعية المحاميات الافريقيات عن مساندتها مشروع القانون الذي أطلق عليه اسم مشروع قانون العنف المنزلي. وأثار مشروع القانون خلافا بين الحكومة والتحالف المناهض للعنف المنزلي الذي اتهم الحكومة بالفتور فيما يتعلق بتمرير القانون. وأشار كليمان وهو طبيب ممارس إلى أن تأجيل تمرير القانون يرجع إلى تباطؤ الحكومة. وفي الوقت الذي تعثر فيه إصدار القانون عمدت إدارة المرأة والاحداث في شرطة غانا إلى تثقيف النساء بشأن مشكلة إساءة المعاملة في إطار الاسرة ومحاكمة الجناة. ويقول أعضاء الجماعات الحقوقية إنه لا يوجد أمام النساء طريقة فعالة للمقاومة في ظل غياب القانون. فقد خرج الرجال للمشاركة في المسيرة للتعبير عن مساندتهم لحقوق المرأة ولكن النساء في حاجة أيضا إلى مساندة الحكومة.