عزيزي رئيس التحرير أتاني وهو يشكو من معاناة أقوى من اعاقته .. الحسية .. المعنوية .. قبض على يدي بشدة فنظرت اليه .. اهتزت مشاعري بكى قلبي بحسرة حينما تأملت في عينيه الباكيتين اشياء كثيرة. أخذ يحدثني عن اعاقته ومعاناته الطويلة مع المجتمع الذي من حوله .. صمت طويل انتابني وراح يتحدث بكل ما لديه وكان حديثه بعفوية وبساطة ممزوجة بألم عميق. أوقفته بسؤال المذهول: هل تحتاج الى مساعدة؟! نظر الي بنظرة غضب, ثم بدلها حينما صرخ بقوة جرحه وقال: (المجتمع .. المجتمع) هو سبب معاناتي وهو سبب اقوى من الجرح والالم اللذين يرافقاني مع اعاقتي التي أوضحت جروحا كثيرة كانت صدمة كبيرة لي , اصدقائي الاعزاء حينما أكون معهم يبدلون توجههم لكي لا اذهب معهم , واسبب لهم الاحراج لأني معاق .. معاق أسبب الخجل لهم!! أنا مؤمن وراض كل الرضا بحالي , فمشكلتي ليست الاعاقة إنما أكبر من ذلك بكثير ,فجرحي يزداد يوما بيوم ولحظة بلحظة كلما رأيت من حولي نظر لي بنظرة شفقة تأتي بالتقسيط .. الاعاقة ليست بيدي ولكنها قدرة الهية وانا رضيت بها فلماذا لا يرضى السالمون بها ويحمدون المولى عز وجل؟! قبضت يديه حينما انهالت دموع البؤس, واصبح الصمت عذابا خفيا كل ما أملك ويمنحني كل الاشياء.... كل ما أملك ويمنحني قوة وعزيمته وشموخه وقوة صبره .. اخبرته بان الاعاقة لم تكن يوما من الايام جرح الم فكم وكم معاق استطاع أن يحقق ما عجز عنه الاصحاء!! أخي .. لملم كل الاوراق الباكية وتصورات البؤس , فأنت منذ سنوات أبيت ان يكون للحزن عبور . وللدموع سقوط, ضع الابتسامة عنوانا لك والضحكة متبادلة مع الآخرين. فرائع ان تدرك مالك وما عليك , وأروع من ذلك ان تدرك حقيقة النفس البشرية التي مهما رفع من قيمتها صاحبها الا انها تظل كغيرها من النفوس لابد لها ان تغادر دنياها!! انتهى حديثي معه حينما تمنى ان تزول تلك النظرة الدونية لهذه الفئة وكذا اتمنى ان يكون هنالك ناد للمعاقين معنويا وحسيا في كل مدينة , لعله يخفف جرحهم الذي يزداد بسبب نظرات المجتمع الذي يبدد كل عزيمة معاق محتاج للنهوض. وقفت اتساءل بيني وبين نفسي هل ما تزال تلك النظرة السيئة موجودة في المجتمع رغم الحضارة ورغم التقدم والتعليم؟! ان المعاق ليس بحاجة سوى لابتعاد نظرات الشفقة التي تلاحقه في كل مكان. همسة: تعلمت انه في المدرسة او الجامعة نتعلم الدروس ثم نواجه الامتحانات اما في الحياة فاننا نواجه الامتحانات وبعدها نتعلم الدروس. سعد بن فهد القحطاني محافظة سراة عبيدة