في إحدى زيارات العقيد القذافي الأخيرة لمصر لم تكن متوقعة ولم يتم الترتيب لها حسب القواعد البروتوكولية المعمول بها عادة,وحين بدأت الزيارة كانت الترتيبات البروتوكولية قد اعدت على عجل وبدا الارتباك واضحا وانتهت الزيارة بما هو اكثر من الارتباك البروتوكولي, انتهت بارتباكات وازمات دبلوماسية. كان في استقبال العقيد القذافي حين وصوله الى مرسى مطروح وزير الاعلام ومحافظ المدينة, وبدا ان عددا من رؤساء قبائل مطروح قد تمت دعوتهم على عجل ليكونوا في استقبال العقيد وليقضي معهم ليلة طويلة, ثم يقوم بزيارة معالم المدينة, وكان واضحا ان الرئيس حسني مبارك قد اتيحت له الفرصة -خلال هذا الوقت- ليستعد لاستقبال القذافي في القاهرة حيث اقيم له استقبال شعبي مع اساتذة جامعة القاهرة وبعض من قيل عنهم قادة الرأي والفكر في مصر, وقد ظهر جليا ان قادة الرأي والفكر هم عدد قليل من الصحافيين الى جوارهم اعداد اكبر من العاملين في التلفزيون المصري. خلال هذه اللقاءات كانت التغطية الاعلامية في مصر في حدها الادنى خاصة بعد لقاء العقيد في جامعة القاهرة وتصريحاته التي امتدت من المؤامرة الامبريالية ضد شعوب العالم الثالث بتصنيع الشامبو من البيض واللبن لتجويع اطفال الشعوب الفقيرة , وحتى حكمه بأن استقلال الكويت باطل وانه كان يجب تقسيم الكويت بين كل من العراق والسعودية طالما انها غير مؤهلة لتوفير الحماية الامنية لحدودها وان استقلالها جاء عبر قوات التحالف الغربي وليس العربي. شعر المصريون بكثير من الحرج بسبب تصريحات العقيد والتي ادت الى ازمة وخلافات مع بعض الدول العربية وفي مقدمتها الكويت وكذلك الولاياتالمتحدةالامريكية. اذ انه لم تمض ساعات معدودة حتى عاد العقيد القذافي ليوجه انتقادات اخرى معادية للولايات المتحدةالامريكية خلال لقائه ايضا في اليوم الثالث باعضاء لجان الشؤون العربية والعلاقات الخارجية بمجلسي الشعب والشورى وقال القذافي: ان ازمة لوكيربي هي ازمة سياسية في الدرجة الاولى خلقتها امريكا للقضاء على ليبيا وتجويع شعبها وان امريكا تضر بمصالح ليبيا والعرب في المنطقة وبالتالي لا بد من التحرك على الاصعدة العربية لمواجهة هذا التخريب الامريكي مهما كلف الأمر. وفي الحال سارعت واشنطن واحتجت بسبب تلك الاقوال. ومن اجل احتواء هذه الخلافات التي تسببت فيها اقوال العقيد القذافي سارعت مصر باجراء اتصالات دبلوماسية متعددة مع الكويتوامريكا لاحتواء تداعيات الموقف. بعد زيارة العقيد بدأت بعض الصحف المصرية وكبار الصحفيين في الخروج عن تحفظهم واندلعت مايشبه حملة صحافية ضد ليبيا واقوال العقيد, بل ان بعض الصحفيين طالبوا الحكومة المصرية بانتهاز فرصة الازمات التي تسبب فيها القذافي والمطالبة بتحجيم العلاقات مع ليبيا التي اعتبرها البعض انها السبب الرئيسي في مشاكل مصر مع الغرب, الرد الليبي على هذه الحملات الصحفية اعتبرها حملات مأجورة تستهدف ليبيا الا ان المسؤولين في مصر يقولون ان القاهرة ستفكر اكثر من مرة عندما تدعو العقيد لزيارة مصر وعقد لقاءات مفتوحة.