عزيزي رئيس التحرير لكل شخص قدرات ومواهب تميزه عن غيره وذلك راجع الى طبيعة التكوين وحكمة الخالق سبحانه فتجد شخصا ما يجيد الشعر مثلا ولا يجيد الرسم او تجد شخصا آخر يجيد لعب كرة القدم ولايجيد السباحة... الخ وعلى نفس المنوال فانك ربما تجد شخصا يحب المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والاحياء ولديه سرعة بدهية وعلى قدر من الذكاء وفي نفس الوقت لايحب المواد الأدبية او يجيد الحفظ بسرعة. في اعتقادي انه لايوجد شخص فاشل أو غبي (أي من غير فائدة)، وللدلالة على ذلك فسوف اذكر لكم مواقف مقتضبة من واقع الحياة توضح ذلك. أثناء دراستنا في المرحلة الجامعية كان لي زميل في احدى المواد الدراسية وبالتحديد في مادة الرسم الهندسي والتي تتطلب قدرا من التخيل والدقة، وكان مستواه وتحصيله الدراسي ينهار يوما بعد يوم وعندما سألته عن علة ذلك قال: انه يحب الأدب والشعر واللغة العربية بل ويكتب الشعر ايضا وانه يكره المواد العلمية ولا يحب الهندسة اطلاقا، فقلت له: لماذا تدخل كلية الهندسة اذن؟ فقال: بصراحة... فعلت ذلك ارضاءا وتحقيقا لرغبة والدي الذي يريدني ان ادرس واتخرج في هذه الجامعة المرموقة دون سواها وان لم استطع ذلك فسوف اكون فاشلا في نظره!! وبعد ان ضيع من سنوات عمره اكثر من ثلاث سنوات قضاها في سلسلة من الاخفاقات المتوالية طرد على اثرها في النهاية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. ومن المؤكد ان يقول احدكم: ان هذا الشخص فاشل بعد هذا الاخفاق الذريع ولكن هذا ليس صحيحا ابدا فقد التحق صاحبنا بعد ذلك مباشرة بجامعة الملك سعود وتخصص في اللغة العربية التي يحبها وتخرج بدرجة امتياز.. فهل هو فاشل؟ والصورة الاخرى من نفس الجامعة لأخوين اختار احدهما الدراسة في كلية الادارة الصناعية بينما اختار الاخر كلية الهندسة بعد اجتيازهما السنة التحضيرية بنجاح، ولم يكن اختيارهما لهذه الكليات آت برغبة منهما بقدرما كانت مجاراة وتقليدا اعمى لأصدقائهما وكانت نتيجة الفصل الدراسي الاول ان حصل الاثنان على انذارات بالفصل من الجامعة. وعندما راجع الاخوان نفسيهما جيدا وقيما قدراتهما قررا ان يتبادلا الادوار بحيث يغيرا تخصصيهما، حيث حول طالب الادارة الى كلية الهندسة وطالب الهندسة الى كلية الادارة واستطاعا في النهاية التخرج وبتفوق في نفس الجامعة التي كان من الممكن ان تطردهما لولا تمكنهما من ادراك مواطن الخلل مبكرا بتغيير تخصصيهما كل على حسب قدراته وميوله.. فهل هذان ايضا من الاشخاص الفاشلين؟ وهناك العديد من الحالات التي لايتسع المقام لذكرها، ولكن من خلال الحالات التي استعرضناها سويا يمكننا ان نعي وندرك جيدا ان لكل شخص منا قدرات وملكات تميزه عن الاخرين والمهم في الموضوع خصوصا عند بداية اختيارنا تخصصا ماهو ان نغوص في اعماق انفسنا ونقوم بعملية تقييم نزيهة لقدراتنا وميولنا وعلينا ان نقبل النتيجة مهما كانت مرة ونعمل بمقتضاها. من جهة اخرى يجب على الآباء خصوصا آباء هذا الجيل من المتعلمين وحاملي الشهادات الجامعية الا يقحموا انفسهم كثيرا في فرض آرائهم على ابنائهم لدخول التخصصات التي يريدونها هم ولا يرغبها ابناؤهم. نعلم ان الآباء يتمنون لابنائهم ان يدرسوا افضل التخصصات وان يكونوا احسن الناس ولكن هذا لايأتي ابدا بفرض الرأي وانما عن طريق اسداء النصح والمتابعة والتشجيع وتوفير الظروف الملائمة للدراسة والتفوق. وقد احببت ان اشارك بهذه المقالة المتواضعة في هذا الوقت بالذات لاننا على مشارف الاختبارات النهائية التي ما ان ينتهي دوي طبولها حتى تقرع طبول السباق لدخول الجامعات واختيار التخصصات والبدء في المشوار الذي يرسم طريق المستقبل. وفي الختام أتمنى لجميع طلابنا التوفيق والنجاح. رائد عبدالعزيز القديحي