هى اول مديرة للتحرير في الصحافة المحلية بدأت منذ أربعين عاما ككاتبة، ومشرفة على الصفحات النسائية، تشربت الصحافة ودهاليزها باكرا فتأصلت تجربتها ونمت خبراتها، كانت (زوايتي) التي بدأت في جريدة الرياض منذ عددها الأول مساحة للأمل في المستقبل وافتتاحية لعمر من الابداع بدأته باكرا، كانت كلماتها رغم بساطتها تحمل عمق وصفاء المبدع الذي يدرك أبعاد وقدرات قلمه والى أين يتجه كذلك كانت (حروف وأفكار) وغيرها من كتابات السقاف صوتا هادئا لم يملأ مساحة حياته بالصخب والضجيج بل ملأتها بالتحصيل العلمي والفكري والأدبي ليشع قلمها حبا وأملا وعطاء. (من عرف نفسه اختصر الطريق لها وإليها). هكذا قالت وآمنت بما تقول فعرفت نفسها وتأملت جوانبها فكانت خيرية المبدعة والكاتبة والاكاديمية والانسانة المعطاءة. تواضح جم وإنجاز اتسع ليشمل بإنسانيته جغرافية الوطن بأبعاده، قاصة وشاعرة وكاتبة صحفية مبدعة، صدر لها أكثر من كتاب منها مجموعتها القصصية (أن تبحر نحو الأبعاد ) 1982م ورغم اننا قرأنا لها قصصا متناثرة بعدها آخرها ما نشرته في (الفيصل) الشهر الماضي الا اننا في انتظار ابداعاتها في مجموعة، وإن جاء كتابها الأخير (عندما تهب الريح يعصف المطر) ليقول: ان خيرية المبدعة مازالت معطاءه ولم تطغ عليها خيرية الاكاديمية التي تبوأت العديد من المناصب فأعطت واثرت فهى عاشقة للغة العربية ومجددة في رؤيتها الفكرية والصحفية ومعطاءه لا تبخل بالعطاء الذي شهد به الكثيرات من طالباتها في جامعة الملك سعود وفي الصحافة وفي مناحى الحياة الأخرى. ريادة لخيرية السقاف سبق الريادة في جوانب عديدة من جوانب الحياة الإبداعية والفكرية والاكاديمية.. فقد كانت أول من كتب الزاوية اليومية من النساء وكان ذلك في مراحل التعليم الثانوى وكانت اول من كتب مقالا أدبيا إذاعيا يوميا، وهى أول من أشرف على أول ملحق نسائي يصدر عن جريدة محلية وهي أيضا أول مديرة تحرير وهي من أوائل القاصات في المملكة بالمعنى الفني للقصة وأيضا من الشاعرات اللاتي كتبن الشعر باكرا وأطلق عليها، محمد حسن عواد (الشاعرة الثائرة). يقول إبراهيم بن عبدالرحمن التركى في شهادته عن الاكاديمية والكاتبة والقاصة خيرية السقاف كما جاء في الجزيرة الثقافية(.. هي الاولى في كثير من مناشط الثقافة والحياة. وهى الاولى أسلوبا إذ لم تسبق التي تميزها به.. كما لم تلحق لمثله رغم اننا في زمن كثر مستنسخوه. وهي الأولى التي أضافت قيود (التخصص) الى فضاء (الإبداع، فالتزمت.. ولم تدخل نفسها في دوائر الإدعاء والبطولات والمزايدات. وهي الاولى في كثير من التفرد بأعمالها الرسمية والمهنية والاجتماعية) تلك شهادة من شهادات كثيرة عن خيرية السقاف الكاتبة والمبدعة والانسانة والاكاديمية والباحثة.. مجالات عديدة كان لها فيها الريادة والتفوق اضافة الى روحها الطيبة وقدرتها التي شهد لها الجميع بها ولاننا هنا نستدعي من الذاكرة (ذاكرتنا وذاكرة الآخرين). ما رفضت د. خيرية السقاف ان تقوله او أن تفصح عنه فاننا سنكرر القول وسنذهب الى ما ذهب اليه الآخرون ولنا أن نقف كثيرا عند الجزيرة الثقافية، لأننا لا نملك موسوعة تهتم بحق بالأوائل في المملكة في كل المجالات تضىء لحياتهم وتقدمهم للأجيال وتجيب عن سؤال هام هو: كيف صنعوا أنفسهم في الزمن الصعب، وكيف ثابروا وصبروا ليصلوا الى ما وصلوا اليه؟ دعونا نقرأ ما قاله ابراهيم محمد السقاف عن خيرية الإبنة: عظيمة (.. نبيهة وذكية وطموحة منذ صغرها) دعونا نتوقف أمام هذه الصفات الثلاث: النباهة والذكاء والطموح ومعنى تلازمها فنباهة بدون ذكاء وطموح لاتقود الى شىء فالطموح هو الارادة والتصميم في أن يكون الانسان قيمة وهذا ما تلازم عند خيرية التي بدأت الكتابة باكرا وعمرها تسعة أعوام وبالطبع كانت قارئة نهمه لكل ما تقع عليه عيناها من كتب وصحف ومجلات. يقول والدها الشيخ ابراهيم: تمتاز خيرية بالمثابرة الدائمة والقراءة ولا سيما القرآن الكريم فهو معها حيثما تذهب.. شرفتني كثيرا بسلوكها وعلمها وأخلاقها ومعاملتها مع الآخرين ومع اسرتها). أليس كل هذه الصفات تجعل من صاحبها عظيما.. أليس قمة العظمة أن يرضى الوالد عن أبنائه فها هو إبراهيم السقاف الوالد يقول عن خيرية الابنة: اننى راض عنها كل الرضا.. وهى راضية حتى الرضا يطلب الرضا عنها.. هذه قمة بلاغة الرضا. إنسانية في الشهادات التي قدمها الكثيرون عن خيرية السقاف تجد هذه الصفة ملازمة ومرافقة للصفات التي وصفوها بها: (الإنسانية) فالثقافة والفكر والابداع والطموح بلا إنسانية لا يعتد به ويكون بلا قيمة. وهذه شهادة الكاتب يحيى محمود بن جنيد عن خيرية يختمها بقوله: (ثم هى من قبل ومن بعد عنصر نشط في خدمة الانسان لا تكل ولاتمل من الشفاعة للآخرين ولا تتردد فى رفع صوتها عندما تقف في قضية مظلوم ولاتتعب من البحث عن وسيلة لمساعدة محتاج او تقديم النصح والمشوره لمن يقصدها كل ذلك بتواضع جم وبعيد عن الادعاء والضجيج). وها هو رئيس تحرير المجلة العربية حمد القاضي يقول: إن خيرية السقاف خيرة في عطائها وأخلاقها والتزامها، هي جعلت لها (سقفا) وضعته هدفا أمامها ألا وهو أن تكون كلمتها اشعاع ضوء ينير الدرب ويهدي الى البر ويرشد الشباب والشابات). انها تعمل بصمت ودون ادعاء ومزايدة وهذه سمة الإنسان المبدع الذي لا يعمل من اجل ذاته بل من اجل المجموع فنحن لم نشهد لها معارك دعائية او فوقية ما على أي انسان انها ترسانة من الثقافة الانسانية والاريحية في كل من تتعامل معهم.. انها وكما يقول عبدالله الكثيرى أستاذة أجيال وهى (شمعة) تحترق من أجل الآخرين لقد آن الأوان لتكريم هذه الانسانة المحبة لوطنها وبنات وطنها من الجميع تقديرا لما قدمته من تضيحات على مدى أربعين عاما في أروقة الصحافة وقاعات الجامعة وبما أثرته في زواياها الخالدة. شهادات النقاد في شهادته يقول د. عبدالله الغذامي: في تاريخي مع القراءه ما رأيت نصا يحمل اسم خيرية السقاف إلا أحسست نحوه بانجذاب خاص حتى إذا ما غابت في بعض الأيام عن الكتابة الصحفية رحت أسأل نفسي فربما كنت أنا السبب لأننى غفلت يوما عن نص من نصوصها فعاقبتني النصوص بالحرمان. فهل بعد هذه الشهادة ان نرى الناقد الكبير في كتابه مبدعة وناقدة عن خيرية السقاف تضىء جوانب ابداعها. هذا ما نتمناه من د. عبدالله الغذامي الذي يقول ايضا: (تلك هى خيرية السقاف ما وضعت يدها على قلم إلا وصار يشع بالنور، وما دغدغت كلمة إلا وصارت تطير سابحة في الآفاق كأنما هى حمامة سلام ورسالة خير إنساني فياض). أما د. سلطان القحطاني وهو يتحدث عن المبدعة خيرية السقاف يقول: قبل ربع قرن من الزمان، كنت اقرا زاوية (حروف وأفكار) في جريدة الرياض ومن المعجبين بكاتبة يقال لها (خيرية السقاف) ولا أدري من تكون خيرية ولكن كان يعجبني فيها رقة الأسلوب وقوة العبارات التي كانت تستخدمها في معالجة الموضوعات التي تتناولها. من جانب انها المرأة من بين القليلات اللاتي كن يكتبن في الصحافة الملحية، من جانب آخر لها طرح معين خرجت به من بين دهاليز الشكوى التي تشتكي منها الكثيرات في الصحافة العربية وإن كانت تعالج تلك المشاكل التي تعيشها المرأة العربية الى اليوم). انها تستحق دراسة علمية خاصة بها.. ونسأل هنا د. سلطان.. من سيقوم بذلك؟ ومن سيعطي هذه الكاتبة حقها او يقدم عنها ما تستحق؟ شهادات نسائية كل الشهادات النسائية التي قدمت عن خيرية السقاف اكدت على إبداعها وتميزها وانسانيتها فها هى د. هيا عبدالعزيز المنيع تقول: للحق، فالتاريخ يحتفظ لخيرية السقاف بالكثير من خطوات النجاح والتميز والأولوية ولعل أهمها ونحن نكرمها صحفيا انها اول مديرة تحرير في المملكة حين ترأست القسم النسائي في جريدة الرياض.. وكانت حينها مدرسة نتعلم منها ابجديات العمل الصحفي وما يميزها أنها تعطي دون بخل او تردد واذا كانت الشاعرة سارة الخثلان اكتفت بالقول: ان شهاداتنا أقل مما تستحق خيرية السقاف مهما حوت من كلمات الا أنها بداخلها تحمل الكثير من التقدير والود والاعجاب بالكاتبة والمبدعة والانسانة خيرية السقاف. وها هي الكاتبة الصحفية ناهد باشطح تقول نفس المعنى حينما أشارت الى أن ما تتميز به السقاف أكبر من أن تستطيع ايفاءه حقه، ولا تتردد في ان تقول: بالنسبة لي شخصيا فقد ساعدتني على اجتياز إحدى أزماتي المهنية وكانت أقرب إلي بقلب الأم وحنوها. إننا في نهاية هذا الحديث المستعاد الذي قصدنا منه الدعوة الى تكريم هذه الإنسانة الرائدة لا نملك إلا أن نشارك ناهد باشطح قولها: خيرية السقاف.. امرأة استطاعت أن تختصر الزمن في كلمة واحدة: (العطاء بلا حدود).