فيما تستعد المئات من عائلات العراقيين المعتقلين في سجن ابو غريب لتنظيم اكبر اعتصام امام بوابة السجن لاطلاق سراح المعتقلين باشرت قوات الاحتلال الامريكية حملة علاقات عامة واسعة في مختلف انحاء العراق وفي احياء مهمة من بغداد لتحسين سمعتها السيئة بعد ان تكشفت للجميع اثر فضيحة الجرائم الاخلاقية وانتهاك حقوق الانسان بشكل سافر ضد الاسرى العراقيين في سجن (ابو غريب) وصاحب حملة تحسين السمعة السيئة اطلاق سراح عدد من المعتقلين لتخفيف الغضب الشعبي العراقي ضد قوات الاحتلال الامريكية . ويتحدث سكان منطقة الاعظمية وسط بغداد واكثر المناطق احتقانا ضد قوات الاحتلال الامريكية والتي تشهد مواجهات يومية بين المسلحين والدوريات الامريكية التي تساندها الطائرات المروحية عن حالة غريبة جرت الاسبوع الماضي في سوق رأس الحواش المركز التجاري الرئيسي في حي الاعظمية عندما تكثفت الدوريات الامريكية المسلحة بشكل مفاجئ في اسواق الحي بينما تجول افراد قوات الاحتلال الامريكية بصحبة مترجمين وانتشروا بين المتسوقين وعند المحال التجارية التي هرع اصحابها كعادتهم لاغلاقها خشية حصول مواجهات مسلحة .. وفي ظل هذه الحركة المريبة كان افراد قوات الاحتلال الأمريكية يحاولون التودد الى مرتادي السوق من بائعين ومشترين وملاطفة الاطفال بتقديم حلوى لهم بينما قامت عناصر اخرى من القوات الامريكية بتقديم هدايا على شكل مغلفات تحوي بعض اغلفة الوسائد .. كما توقفت عند بعض المحال والمقاهي الشعبية في محاولة منها لمعرفة مطالبهم مع وعود بتلبيتها . وقد شهد رأس الحواش منذ التاسع من ابريل 2003 معارك يومية دامية واحتجاجات سلمية ادت الى مقتل عشرات الامريكيين والمواطنين العراقيين على السواء وتدمير عدد كبير من الآليات العسكرية الامريكية . وعلى مسافة بضعة امتار من سوق راس الحواش وفي الازقة المجاورة لها ، ثمة صعوبة في المرور من خلالها بسبب طفح مياه المجاري الثقيلة .ويشكو سكان حي الاعظمية من الاهمال الكبير والحيف الذي يقع على مناطقهم .. والانقطاعات الطويلة في التيار الكهربائي والمياه غير الصالحة للاستعمال البشري ويتهمون سلطات الاحتلال بأنها تمارس عقوبات جماعية من جهة قطوعات الكهرباء والمياه الصالحة للشرب واهمال معالجة طفح المجاري . لكن المواجهات شبه اليومية بين المسلحين والقوات الامريكية لا ترجع الى هذه الاسباب انما الى رفض القوات المحتلة لاسباب قومية ووطنية ودينية . وتنتشر على الاعمدة الخرسانية الموزعة على جانبي الاعظمية ملصقات تتراوح بين التحذير من التعامل مع الامريكيين بوصفهم قوات احتلال وبيانات صادرة عن فصائل عراقية مقاتلة بتسميات مختلفة تسطر فيها عملياتها القتالية ضد الاهداف الامريكية وتتوعد بتنفيذ هجمات جديدة بمشاركة جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر . وفي الوقت الذي كان فيه افراد القوات الامريكية يمارسون حملة العلاقات العامة وتحسين السمعة السيئة في رأس الحواش كان الاعظميون على مقربة منهم يتداولون منشورات ورقية طبعت عليها صور فضيحة اسرى سجن ابو غريب وصور التعرض للاسيرات العراقيات . ويعتقد عراقيون التقتهم (اليوم) ان حملة العلاقات التي تمارسها حاليا قوات الاحتلال هي بمثابة محاولة من قياداتها للتخفيف من وقع عمليات القتل والتدمير التي تشهدها مدينة الفلوجة وتشهدها مدينة الكوفة والنجف و كربلاء وغيرها .. وللتغطية على تصاعد العمليات المسلحة ضدها الى جانب سحب التأثيرات الغاضبة التي نجمت عن فضيحة الانتهاكات الجسدية والسادية والنفسية ضد الاسرى في سجن ابو غريب وسجون ومعتقلات اخرى في القصور الرئاسية السابقة ومعسكرات قوات الاحتلال في بغداد والبصرة والموصل وبقية المدن العراقية . وتتوزع حملة العلاقات العامة لتحسين السمعة الامريكية السيئة على عدة جوانب وتتخذ اساليب مختلفة منها اللغة الجديدة التي يستخدمها القادة العسكريون الامريكيون للمناطق في صيغة بيانات تنشرها الصحف العراقية ويتحدثون فيها عن ارقام مليونية لمشاريع اعمار نفذتها القوات الامريكية او تتعهد بتنفيذها في قابل الايام .. او دفع المحافظين في المدن العراقية لعقد مؤتمرات مشتركة مع الأمريكيين بحضور شخصيات ووجوه اجتماعية وصحفيين ينفون فيها حصول أي خرق لحقوق الانسان العراقي في المناطق الواقعة تحت سلطاتهم الإدارية وتحويل الانتباه عن مواضيع الانسان وحقوقه وكرامته باتجاه حديث الارقام والوعود المغرية التي راحت تنهمر كالمطر المدرار على العراقيين في هذه المدن .. ويعقد قادة قوات الاحتلال مؤتمرات صحفية مركزية في بغداد يعرضون فيها حلولا ومقترحات لاحتضان هذا الفصيل المقاتل او ذاك كما حصل عندما تعهد الجنرال مارتن ديمبسي الذي تواجه قواته قوة جيش المهدي باستيعابها في قوة عسكرية عراقية جديدة تمسك بزمام الأمور الامنية في مدينة النجف، وتكرر سلطات الاحتلال الامريكي الاعلان عن اطلاق دفعات متتالية من الاسرى و المعتقلين بين آونة واخرى . وكان الرئيس الامريكي بوش قد انخرط هو ذاته في حملة (تبييض) السمعة السيئة للقوات الامريكية عندما خاطب العرب عبر شبكتي تلفزيون العربية والحرة ودافع عن قيم واخلاقيات الولاياتالمتحدةالامريكية وعبر عن أسفه لممارسات القائمين على سجن ابو غريب بقوله "هؤلاء ليسوا منا" ونسي ان ادارته رفضت قبول هذه المقولة من العرب والمسلمين عندما قالوا ان الذين نفذوا عملية 11 سبتمبر لا يمثلون الاسلام ولا المسلمين . ويلاحظ ان حملة العلاقات العامة التي تقوم بها قوات الاحتلال الامريكية تقابل بفتور من قبل العراقيين الذين استقبلوا عناصر القوات المحتلة في سوق رأس الحواش بتجاهل تام وريبة كبيرة بينما منعت النسوة المتسوقات اطفالهن من تسلم حلوى الجنود الامريكيين التي وصفنها بأنها (سم في عسل).