توصل بلدان الاتحاد الأوروبي الخمسة عشر أخيرا إلى نوع من التفاهم بأنه سيكون من غير الممكن مواصلة الدعم الذي دأبوا على تقديمه لمزارعيهم امر جيد المشكلة انه لا يمكن تطبيق نفس المنطق على مزارعي الجزء الشرقي من المنضمين حديثا للاتحاد. السبب إن وسط أوروبا لا تدعم زراعاتها بنفس الطريقة التي تهدف إلى الإنتاج كما يفعل الغرب، وبدلا من ذلك يعفى المزارعون من ضرائب وقيود أخرى كحافز على عدم الكفاءة ومضيعة الجهد. ويقدر المحللون البولنديون إن ثلث المزارعين المسجلين في البلاد وعددهم 2.5 مليون مزارع يعملون بالأرض في واقع الأمر. وتشعر المفوضية الأوروبية بالقلق من أن أوروبا الوسطى تركت غالبا مناطقها الريفية دون عناية، فيما تشير أحدث التقارير عن مدى توافق أوضاع تلك الدول إلى العديد من الانتقادات حول عدم كفاية التنظيم الزراعي وانخفاض مستويات سلامة الأغذية. والأكثر خطورة من كل هذا، والأمر الذي ربما حظي بالقدر الأقل من التغطية الإعلامية، هو مدى اتجاه تلك المنطقة للأخذ باليورو. وبالنظرة الأولى للأمور يبدو أن القضية بسيطة ومباشرة، فأوروبا الشرقية تحرص على الانضمام لليورو، حيث لا يربطهم تاريخيا شغف كبير بعملاتهم من كرون أو زلوتي أو فورينت، إلى آخره. والقليل من عملات المنطقة مستقلة تماما على اليورو والبعض مربوط به. والمتطلبات المالية والنقدية للانضمام لليورو ليست شديدة الصعوبة على أغلب الأعضاء الجدد، خاصة أنه ستتاح أمامهم فرصة عامين على الأقل قبل الانضمام للعملة الموحدة - بينما ينظر إلى صلات وسط أوروبا التجارية المتشعبة مع الغرب على أنها مؤشر على التوافق بين اقتصاديات القارة شرقا وغربا. ولكن الأمر لا يخلو من مصاعب، فبادئ ذي بدء ربما لا يكون الامتزاج في عملة واحدة بالسهولة التي يتوقعها الكثيرون. فعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يستهلك نصيب الأسد من صادرات وسط أوروبا، فإن دائرة الأعمال شرقا وغربا غير متوافقة. فقد كشفت دراسة أجراها البنك المركزي الأوروبي ونشرت العام الماضي، أن المجر وحدها تبدو متوافقة، بينما بلدان البلطيق لا تظهر أي توافق على الإطلاق مع اليورو. كما يمكن أن تمثل السياسة المالية حجر عثرة أيضا.وفي الوقت الحالي يجري إحراز تقدم على صعيد تقليل عجز الموازنة ليصل إلى سقف منطقة اليورو الذي ينبغي ألا يتجاوز 3% من إجمالي الناتج المحلي. ولكن يلزم للوصول باقتصاديات تلك الدول إلى الوضع الأمثل أن يتم الأخذ بإصلاحات مالية أكثر عمقا - مثل خفض الإنفاق على المشروعات الحكومية التي تفتقر إلى الكفاءة، ورفع الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والبنية التحتية. ويتعين أيضا توسيع القاعدة الضريبية في البلدان الجديدة - حيث أن التهرب الضريبي المقنن مازال منتشرا، كما يتعين تطبيق ضرائب الدخل بشكل أكثر عدالة. وبالأخص ربما سيتعين على حكومات وسط أوروبا أن تعدل عن سياستها القائمة على التعجل في منح خفض ضريبي لجذب الاستثمار، فقد حذرت ألمانيا في مارس من أنها سأمت استخدام أموال المعونة الأوروبية في دعم خفض الضرائب على الشركات في شرق أوروبا الأمر الذي يجتذب الشركات الغربية باتجاه الشرق. وعلى الأرجح فإن الإرادة السياسية للتعامل مع تلك المعضلات وغيرها مازالت متوافرة - ربما كانت ليست بنفس الدرجة من القوة كما كان الحال في ذروة تطلع الجميع لليورو قبل أربعة أو خمسة أعوام. غير أن الإرادة السياسية قد تنحسر بسرعة، خاصة إذا ارتفعت الضرائب ولم تنخفض معدلات البطالة.