أعد حزب المؤتمر الهندي امس مشروع قرار لترشيح وزير الاقتصاد السابق مانموهان سينغ رئيسا جديدا للحكومة بعد يوم من رفض سونيا غاندي المنصب، حيث يرشح مشروع القرار سينج رئيسا للحزب مما سيقرب المسافة بينه وبين رئاسة الحكومة. وحين بدأت الانتخابات البرلمانية في الهند الشهر الماضي وجه أحد الصحفيين سؤالا إلى سينغ أحد زعماء حزب المؤتمر المعارض وقتها عن احتمال توليه رئاسة الحكومة في البلاد. وقال سينغ ردا على سؤال الصحفي ضاحكا: أنا سياسي بالصدفة. أنا لا أفهم في السياسة. هناك آخرون أفضل مني. وكانت غاندي قد صرحت أمام أنصار الحزب بأنها تتبع صوتا داخليا وأنها يجب أن ترفض بتواضع المنصب. وقالت غاندي إن السلطة في حد ذاتها لم تجذبني يوما ولا كان المنصب مطمحا شخصيا لي. لطالما كان هدفي هو الدفاع عن الاساس العلماني لامتنا وفقراء شعبنا. وكان من المقرر أن تؤدي أرملة رئيس الوزراء الراحل راجيف غاندي وهي إيطالية المولد اليمين الدستورية لتصبح أول رئيسة وزراء ذات أصل أجنبي هذا الاسبوع. وقد أكدت على مدى سنوات أنها لا تسعى وراء منصب رئاسة الوزراء إلا أن قليلين هم الذين تخيلوا أنها سترفض المنصب. وكان حلفاء حزب المؤتمر في الائتلاف الحاكم قد صوتوا بالاجماع على ترشيحها رئيسة للوزراء يوم الاحد الماضي. ويملك حزب المؤتمر وحلفاؤه والذي يسمى الان التحالف التقدمي المتحد نحو 317 مقعدا من أصل 545 مقعدا في مجلس النواب داخل البرلمان أي أكثر من الرقم الذي يحتاجه أي حزب في الهند لتشكيل حكومة وهو 272 مقعدا. وكان سينغ الذي شغل منصب وزير المالية مهندسا لبرنامج الاصلاحات الاقتصادية الهندي خلال فترة التسعينيات وهو يتسم بالتواضع الشديد والهدوء. وقال زعيم بارز بالحزب إن نجلي سونيا راهول الذي دخل البرلمان وبريانكا لا يتحمسان لفكرة شغل والدتهما للمنصب. يذكر أن والدهما راجيف غاندي وجدتهما أنديرا توليا منصب رئيس وزراء البلاد من قبل واغتيلا وهما في المنصب. وسيعمل سينغ وهو من طائفة السيخ على مساعدة حزب المؤتمر في التقرب من هذه الطائفة. وكان حراس أنديرا غاندي من السيخ وأعقب موتها أعمال عنف دموية أسفرت عن مقتل المئات من طائفة السيخ على يد أتباع حزب المؤتمر. ولكن قرار سونيا غاندي برفض المنصب جاء للحد من الحملة التي شنها حزب بهاريا جاناتا وأتباعه في اليمين احتجاجا على أصول غاندي الاجنبية. وكان مؤيدي حزب المؤتمر ونوابه قد ناشدوا غاندي بأن تغير رأيها لدرجة أن بعضهم هدد بالانتحار وآخرين بكوا في حين جلس عدد منهم خارج منزلها في حالة من الصمت والصدمة. ولكن غاندي أكدت أنها لن تغير رأيها وطالبت أعضاء الحزب بأن يثقوا في الحكمة من وراء قرارها. وفي حال موافقة نواب حزب المؤتمر وحلفاؤه على ترشيح سينغ فمن المنتظر أن يلتقي وزير الاقتصاد السابق بالرئيس الهندي عبد الكلام اليوم الذي كانت الهند تنتظر فيه أداء سونيا غاندي اليمين الدستورية. وأضاف سينغ أن سونيا زعيمة الحزب "هي المرشح الطبيعي لشغل هذا المنصب"، ولكن بعد أن أعلنت رسميا عدم رغبتها في تولي رئاسة الحكومة برز اسم سينغ (71 عاما) بقوة كمرشح للمنصب خاصة بعد أن رشحته هي له. وكانت استطلاعات الرأي وآراء المحللين السياسيين قد أشارت إلى أن حزب المؤتمر الهندي الذي حكم الهند معظم سنوات استقلالها سيمر بأسوأ انتخابات على الاطلاق، لكن سينغ قال انه يستشعر رياح التغيير وقال أنا لست منجما ولكني على ثقة من قدرة الحزب على تشكيل حكومة. وشغل سينغ منصب وزير المالية في الفترة بين 21 يونيو عام 1991 و15 مايو عام 1996. وعندما تولى المنصب كانت البلاد تعاني واقعة اغتيال عنيفة واقتصادا متعثرا. كما كان عليه تحرير الاقتصاد الهندي من قيود الاشتراكية وأن يخرج بصورة البلاد إلى أبعد مما وصل له جواهر لال نهرو جد راجيف زوج سونيا وأول رئيس لحكومة البلاد. وبالفعل تمكن سينغ من تحقيق مهمته عن طريق سلسلة من الاصلاحات لم يتخل خلال تنفيذها عن الجانب الانساني وكان دائم القلق بشأن الفجوة بين الطبقات في المجتمع الهندي. ولد سينغ في 26 سبتمبر عام 1932 في جاه بإقليم غرب البنجاب الذي أصبح اليوم جزءا من باكستان. وتلقى تعليمه في جامعتي أوكسفورد وكامبريدج وهو متزوج وله ثلاث بنات. وفي الفترة بين عامي 1972 و1976 عمل سينغ مستشارا اقتصاديا لوزارة المالية ثم تولى منصب حاكم بنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي) في الفترة من سبتمبر عام 1982 حتى يناير عام 1985. كما رأس مجلس حكام بنك التنمية الاسيوي في مانيلا وعمل مستشارا لرئيس الوزراء الهندي للشئون الاقتصادية في الفترة بين عامي 1990 و1991.