تتوافد اخبار العلاقات بين المعلمين وطلابهم ..وبين المعلمات وطالباتهم .. في مختلف المراحل التعليمية . سواء منها تلك العلاقات المتميزة بالحكمة والاحترام ... المشرقة بالقيم التربوية والانسانية الرفيعة أو تلك العلاقات غير السليمة ... المبنية على القسوة والايذاء النفسي والجسدي للطالب .. التي تدل على فشل المعلم تربويا .. والتي تدل ايضا على عدم ادراك المعلم للنتائج الوخيمة لتصرفاته غير الموزونة ... وما ينتج عنها من ردود الفعل السلبية لدى الطالب الذي يتعرض للايذاء من قبل المعلم ذكرا كان او انثى .. كالاحباط و كالشعور بالكراهية للمعلم .. والكراهية للمقرر الدراسي والكراهية للمدرسة وقد تتنامى في الطالب الدوافع العدوانية ضد الغير وخاصة ضد من يوقع به الاذى . هذا فضلا عن ان المعلم لا يحقق بذلك الغايات السامية للتربية والتعليم.. وتنتشر هذه الاخبار من خلال الطلبة انفسهم .. وما تتناقله الصحافة المحلية.. وما يصل منها الى الاجهزة الامنية. ان هذه الاخبار عن العلاقات السيئة بين المعلم وطلابه مبعث سخط المجتمع المؤمن بتعاليم الاسلام الذي يتمتع افراده بالوعي التربوي .. ومبعث اسى للقيادات التربوية المسؤولة .. على العكس من تلك الاخبار عن العلاقات الايجابية الفاضلة التي تزينها القيم الاسلامية والتربوية والانسانية كحكمة التعامل السديد مع الطلبة بالمحبة والنصح والحلم والعدل والأخلاق الكريمة التي تبني ولا تهدم .. والتي تقرب الطلبة من المعلم ولا تنفر.. والتي تزرع الثقة في نفوسهعم تجاه المعلم وتجاه ذواتهم.. والتي تربي النفس الخيرة الكريمة على سمو الاخلاق ورقيها وتجنبها الاخلاق الخبيثة .. وتصونها من النزعة العدوانية الشريرة. ولقد اهتم علماء التربية المسلمون بالعلاقة بين المعلم وبين الطالب .. ونادوا بالرفق في معاملته .. وأوصوا بأن يترفق المعلم بتلاميذه ولا يتشدد معهم.. ومن حسن التعامل معهم ان يكون بهم رفيقا وان يعتبرهم في حسبة بنيه حبا ورحمة وعطفا.. وان يكون قدوة صالحة في اخلاقه وحسن تعامله واذا اخطأ الطالب خاطبه المعلم مبينا له السبيل القويم بالتي هي احسن وليس أمام الطلبة.. قال ابن مسكويه.(احد فلاسفة التربية في الاسلام) واذا اخطأ الطالب فأولى ألا يوبخ عليه.. ولا يكاشف بانه اقدم عليه بل يتغافل عنه تغافل من لاخطر بباله انه قد تجاسر على مثله ولا هم به لا سيما ان ستره واجتهد في ان يخفي ما فعله عن الناس فان عاد فليوبخه عليه سرا ويحذره من معاودته فان عوده التوبيخ والمكاشفة امام الاخرين حمله على الوقاحة وحرضه على معاودة ما كان استقبحه وهان عليه سماع الملامة. اما (ابن خلدون) فقد عقد فصلا في مقدمته عن الشدة على المتعلمين وانها شديدة الضرر عليهم نفسيا وجسديا وانسانيا .. قال فيه:( ان إرهاق الجسد في التعليم يضر بالمتعلم سيما في الصغار لأن من كان مرباه بالعنف والقهر ذهب نشاط نفسه ودعاه ذلك الى الكسل وحمله على الكذب والتظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الايدي بالقهر عليه.. وربما صارت له هذه عادة وخلقا.. فتفسد معاني الانسانية عنده وتكسل نفسه عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل). ويتفق علماء التربية المسلمون على مبدأ (الحوافز التشجيعية) وهو في اصطلاحهم: المدح والتشجيع للطالب ومن ذلك قول ابن مسكويه .. ويمدح الطالب بكل ما يظهر فيه من خلق جميل وفعل حسن يكرم عليه .. وعلى المعلم ان يغبطه على احسانه ليعرف وجه الحسم من القبح فيدرج على اختيار الحسن. ينبغي أن يكون المعلم نموذجا للأخلاق الفاضلة والسلوك الكريم.. وقد قال عمرو بن عتبه لمعلم ولده: (ليكن أول اصلاحك لولدي اصلاحك لنفسك فان عيونهم معقودة بك فالحسن عندهم ما سلكت) الخ , وينصح ابن المقفع المعلم قائلا: ( أن يبدأ بتعليم نفسه وتقويمها في السيرة والرأي واللفظ فيكون تعليمه للناس بسيرته ابلغ من تعليمه بلسانه). ويقول الشاعر:==1== يا ايها الرجل المعلم غيره==0== ==0==هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا==0== ==0==كيما يصح به وانت سقيم ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ==0== ==0==أبدا وانت من الرشاد عديم لا تنه عن خلق وتأتي مثله ==0== ==0==عار عليك اذا فعلت عظيم==2== واذا كان الايذاء النفسي المتمثل في اهانة الطالب امام زملائه بالكلام البذيء والقبيح فضلا عن الايذاء الجسدي الذي يعرض سلامته للخطر هو وسيلة المعلم التربوية.. فما هي النتائج المتوقعة؟ ان الجيل الذي يتلقى تعليمه من امثال هذا المعلم او المعلمة هو جيل سيىء الحظ.. ولو تلقى تعليمه على يد معلم فاضل في اخلاقه وحسن تعامله وكفاءته العلمية لكان سعيد الحظ.. صالحا نفسيا وانسانيا وتربويا. أود أن اذكر ان وراء كل امة عظيمة نظاما تربويا سديدا يقوم على احترام انسانية الانسان والارتقاء به روحيا وفكريا ونفسيا وثقافيا وجماليا.. واقول للمعلم انه مسؤول عن مستقبل الاجيال ومستقبل الوطن... ويكفيه ذلك شرفا وفخرا.