عند سماعنا القديم من الفن نحس بشعور مختلف يخالج ارواحنا، يداعب ذاكرتنا ووجداننا، او يثير عاطفتنا وينبش ما بداخلها من آلام وذكريات مؤلمة او يعيد لنا مشاهد درامية او كوميدية عشناها لحظة من لحظات عمرنا وكانت تلك المقطوعة هي المؤثر الصوتي المصاحب لذلك الحدث. هذا الشعور كله تبادر الى خاطري عندما ذهبت لافتح صفحة ذكرياتي القديمة في صندوقي الخشبي والذي احفظ بداخله كل شيء مربها من نتائج وشهادات شكر في ايام دراستي بالمتوسطة الرابعة والثانوية الاولى الى تخرجي من جامعة الملك فيصل الى مراحل وفصول عديدة يكنها ذلك الصندوق لي ليجعلني اخرجها بين حين وآخر. وعند فتحي لذلك الصندوق اول ما وقعت عليه عيني صور لفنانين تحمل امضاءهم الشخصي لي وبعض الاشرطة التي ابكتني وافرحتني عند سماعها فما اجمل واقسى الذكرى. وعند سماعي لها تبادر الى ذهني سؤال وهو لماذا لا نشعر بنفس الاحساس عند سماعنا الاغاني الجديدة، هل فني الشعراء، ام انقرض الملحنون ام سأمنا اذواق (ومجاملات) الفنانين، ولماذا اصبح للاغنية الحديثة تاريخ صلاحية والذي عنده تكون آخر علاقة لك مع تلك الاغنية، قد تكون لمدة ايام او اسابيع لا اكثر. اعتقد ان الجواب الكافي لهذه التساؤلات هو فناء الذوق.