يصعب التكهن في هذه المرحلة بنجاح خارطة الطريق، على الرغم من أنها تبقى الركيزة الأساسية لحل أزمة الشرق الأوسط. وتحاول اللجنة الرباعية المؤلفة من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأممالمتحدة، أن تضع قاسما مشتركا يمكن أن يحظى على مساندة دولية. إلا أن فرص نجاح هذه الخطة ضئيل جدا إذ أن رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون استطاع خلال زيارته الأخيرة لواشنطن ان يحصل ليس فقط على دعم لخطته للانسحاب من قطاع غزة، إنما أيضا حصل على دعم لمبدأ عدم تنازل اسرائيل عن جميع الأراضي الفلسطينية أي الى حدود عام 1967. واعتبر ذلك متناسبا مع اسس خارطة الطريق، التي ترفض بشكل قاطع اجراءات أحادية الجانب. وعندما عرض شارون خطته للاستفتاء في حزبه، مني بهزيمة كبيرة، حيث عارض أعضاء الحزب خطته بشدة، ما دفعه الى الإعلان بأنه سيغيرها عما قريب. هذا في الوقت الذي يرفض فيه الفلسطينيون أي خطوة تخص قطاع غزة، عوضا عن قبول ما يقدم لهم، أي انسحاب اسرائيلي أولي. وحاول كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة أن يستخلص من هذه التطورات أمرا إيجابيا وأعلن عشية اجتماع اللجنة الرباعية في نيويورك أن خطة الانسحاب هي خطوة في الاتجاه الصحيح، تاركا مشكلة التنسيق بينها وبين خارطة الطريق مفتوحة. ولكن هل يجب الربط بينهما؟ إن شارون ومعظم الاسرائيليين يودون الانسحاب من قطاع غزة، فلماذا معارضة هذا المشروع؟ إن اللجنة الرباعية لا تملك القدرة على إيجاد حل سلمي دائم لأنها تفتقد الى استراتيجية واضحة والى رغبة صارمة لإيجاد مثل هذه الاستراتيجية لفرضها على جميع الأطراف. ولا يمكن فرض سلام في الشرق الأوسط عن طريق ضغوط خارجية فقط، من أي طرف كان، ليس من الولاياتالمتحدة ولا من الأممالمتحدة أو اللجنة الرباعية. إلا أنه قد يكون باستطاعة الأسرة الدولية، إذا ما اعتبرت هذه الأزمة مهمة، أن تبذل جهدا أكبر لدعم السلام. إلا أنها عوضا عن ذلك تشعر أن الأحداث في المنطقة تتجاوزها وتمنعها من تنفيذ خطتها. وقبل أشهر من الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة، أصبح من الصعب أن تتدخل واشنطن كوسيط حيادي في الأجل القريب. ونهاية، لم تعد خارطة الطريق مبادرة ثورية وذا رؤية مستقبلية للشرق الأوسط، إنما هي مجموعة من الحقائق تعتمد على مفهوم إعادة الأراضي المحتلة، وإيقاف العنف وتفاهم متبادل. ولكن كيف التوصل الى ذلك؟ إن اجتماع اللجنة الرباعية في نيويورك لن يقدم جوابا لذلك. *ديلي تليجراف