لقد تعود علقمة الأجلح، على سخافات صغار الشعبيين, ولم تعد تثيره حماقاتهم، لان ضررها محدود على مجتمعهم المليء بالترهات والتقليعات، والكمبيالات والكفالات والتوهمات، والاستراحات و الأمسيات المظلمات.. الخ، ولكن يبقى علقمة عربيا، يمكن أن يُخدع بكل سهولة, لأنه يعتقد كعادة القارئ العربي دائما، أن كل ما تنشره الصحف حقيقة لا تقبل الجدل، وهذا ما حدث بالضبط لهذا العلقمة البسيط، عندما كان يشاهد صورة الشاعر حجاب طايع، وهو يضع يده على خده وقد غرس نظراته في البعيد، وكأنه يفكر في مصير العالم الغارق في أزماته ويبحث له عن حلول، ونظرا لان النص الشعري قد لا يستطيع أحيانا رسم صورة لواقع الشاعر, خصوصا عندما تكون شاعرية ذلك الشاعر رديئة الأدوات .. خافتة الوهج .. بدائية الطرح، لذلك كان علقمة يظن بالشاعر حجاب طايع وعيا وفكرا، بناء على الصورة والكلام المنمق الذي ينثر حولها، حتى تجلى السيد حجاب وفضح ( المستخبي )، وذلك عندما افصح بن طايع عن مشروعه التجاري، الذي ينوي تنفيذه بتأسيس مكتب لتأجير الشعراء لأصحاب المناسبات والحفلات، بحجة خدمة الشعر والشعراء، علقمة سحب قلمه العتيق من جيبه المثقوب، ليضع نقطة نظام أمام السيد حجاب طايع ليقول له: يا لبؤسك يا ابن طايع، يا لبؤس شعر أوحت لك نفسك بأنك ستخدمه، وأنت تحيل رسالته بجهلك إلى سلعة استهلاكية رديئة .. ويا لبؤس شاعر سينساق خلف فكرتك العرجاء، أما إن كنت منفذ هذه الفكرة العمياء، فأن علقمة يود أن يوصيك بأن توسع خدمات المكتب، فبالإضافة إلى تأجير الشعراء، قدم خدمات تأجير (الخيام و الزوالي والمراكي وبراميل الماء والحطب والفحم.. الخ) حتى تصبح خدمات مكتبك متكاملة، وسيكون علقمة أول زبائنك لانه سيترك حياة الرعي في الصحراء، وسيستقر في المدينة ويفتح له ( زريبة ) أغنام، وينوي إقامة حفله و أمسية شعرية بهذه المناسبة، لذلك يود أن يحجز أول شاعرين مسجلين في القائمة لديك مع ملحقاتهما، ولكن علقمة لا يضمن خرافه أن لا تمارس الثغاء أثناء الأمسية التي ستقام بجانب الزريبة، بالرغم من أن ثغاء الأغنام والشعر الشعبي المعاصر، لم يعد بينهما فرق في زمن التجارة الشعرية.