يمر سيد محمد بيده على نبتة خشخاش يخرج منها الافيون الخام وتزداد عيناه بريقا وتتسع ابتسامته عندما سئل عن السبب الذي دفعه الى زراعة هذا النبات الذي يستخرج منه الهيروين في مزرعته الواقعة في وسط افغانستان. ويرد الرجل البالغ من العمر 60 عاما بقوله زراعة الخشخاش تدر دخلا يزيد على عشرة أمثال الدخل الناتج عن زراعة أي نبات اخر. ويضيف اننا نزرع نبات الخشخاش لانه ليس لدينا خيار اخر. معظم الناس ليس لديهم عمل. ومحمد واحد من مئات المزارعين في أكبر بلد منتج للافيون في العالم الذين أقدموا على زراعة الخشخاش للمرة الاولى في اراضيهم هذا العام على امل ان يزيد الطلب العالمي على المورفين والهيروين وهما من مشتقات الافيون لتخفيف الفقر المدقع. ودعا الرئيس الافغاني حامد كرزاي في الشهر الماضي الى الجهاد ضد زراعة المخدرات بعد ان وصل انتاج الافيون الى مستوى قياسي بلغ 3600 طن في عام 2003 وهو ما يعادل ثلاثة ارباع المعروض العالمي. وقال وزير الداخلية علي أحمد جليلي لرويترز انه مع تحول مزارعين تقليديين للقمح والبصل مثل محمد الى تجارة المخدرات فان المساحة المزروعة يمكن ان تزداد زيادة كبيرة بنسبة 30 في المئة هذا العام الى أكثر من 247100 فدان. وقال جليلي في مقابلة انها مشكلة كبيرة. وستصبح مشكلة أكبر. لكن ميرويس ياسيني رئيس ادارة مكافحة المخدرات في افغانستان قال انه رغم زيادة المساحة المزروعة بالخشخاش الا ان اجمالي انتاج افغانستان قد ينخفض عن العام الماضي. وقال ان مرضا فطريا دمر نحو 70 في المئة من محصول هذا العام في ننكرهار وهو اكبر اقليم لانتاج الخشخاش. وينتشر المرض في اقليم هلمند وهو ثاني أكبر اقليم لزراعة الخشخاش. وقال ياسيني في مكتبه بالعاصمة كابول الذي يحرسه جنود يرتدون الزي العسكري ويحملون اسلحة آلية مساحة الارض المزروعة بالخشخاش زادت لكن المحصول سيكون أقل عن العام الماضي. واضاف اجراءات المكافحة ستقلل المحصول. ويتناقض ذلك مع تصريحات جيم موسلي وهو مسؤول كبير في وزارة الزراعة الامريكية الذي قدر محصول هذا العام بنحو 5400 طن بزيادة 50 في المئة عن العام الماضي. وهو يقول ان افغانستان يمكنها ان تأمل في وقف هذه الزيادة في العام المقبل. ويقول مسؤولون في مكتب الاممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة انه بينما يتراجع انتاج المخدرات في ميانمار ولاوس وكولومبيا وبيرو فانه يزدهر في افغانستان لتوفير امدادات لسوق الهيروين المتنامية في وسط اسيا وروسيا وشرق اوروبا. وأظهر مسح لمكتب الاممالمتحدة انه رغم علم المزارعين بعدم قانونية هذا الوضع فان ربع اجمالي المزارعين في افغانستان يزرعون الخشخاش فيما يؤكد القلق الذي اعرب عنه بعض مسؤولي الاممالمتحدة من ان افغانستان تخاطر بأن تتحول الى دولة مخدرات وارهابيين وعصابات مخدرات. وقالت الاممالمتحدة انه في بلد يصل فيه متوسط الاجر اليومي الى دولارين فان المزارعين كسبوا 02ر1 مليار دولار من الافيون في عام 2003 أو 3900 دولار للاسرة. واذا اضيفت ارباح تجار المخدرات فان الدخل من الافيون ارتفع الى 3ر2 مليار دولار في عام 2003 وهو ما يعادل نصف اقتصاد افغانستان. ويقول كرزاي الذي يكافح لبسط سلطته على اقاليم يسيطر عليها قادة الميليشيات الذين يستفيدون من تجارة المخدرات ان الاموال غير المشروعة تساعد في تمويل متمردي حركة طالبان وحلفائهم في تنظيم القاعدة. وأيد هذا الرأي لجنة من مجلس الامن الدولي ذكرت في الاونة الاخيرة ان طالبان تتقاضى مبالغ من تجار المخدرات الذين يمرون في المناطق التي يسيطرون عليها ثم يستخدمون هذه الاموال في شراء اسلحة. وتطارد قوة قوامها 15500 جندي اجنبي بقيادة الولاياتالمتحدة حركة طالبان والقاعدة في جنوبافغانستان لكن توجه اليها انتقادات بعدم اتخاذ اجراءات تذكر لوقف هذه التجارة أو تدمير زراعات الخشخاش.