نزل بعض مزارعي الخشخاش في اكبر منطقة لإنتاج الأفيون في أفغانستان مبكرا إلى حقولهم في أواخر شهر نيسان الماضي لجني محصول السنة الحالية على أمل الانتهاء من عملهم قبل أن تتحرك الحكومة لإتلاف الحقول المزروعة بالنبتة التي تنتج صمغ الأفيون التي تشكل الأساس الذي يستخلص منه الهيروين . زعيم هذه القرية احمد آغا قال : نحن مستعجلون، لأننا نخشى أن تأتي الحكومة للقضاء على حقولنا. وكان أحمد اغا يتحدث في حقل فيما كان عماله مشغولين بقص ثمار الخشخاش الكروية وجمع الصمغ الأبيض الذي سرعان ما يتخثر ليتحول إلى أفيون . وتشير الجهود الحثيثة التي قام بها آغا وعماله إلى مدى الصعوبة التي تواجهها الحكومة الأفغانية الضعيفة في خطة مدعومة من الأممالمتحدة للقضاء على مصدر 70 في المائة من الأفيون في العالم . وقد صدرت أفغانستان في العام 2000 حوالي أربعة آلاف طن من الأفيون، أي اكثر مما صدرته كافة البلدان المنتجة الأخرى مجتمعة . وقد بدأ تنفيذ خطة الإتلاف في منتصف نيسان عندما عرضت حكومة رئيس الوزراء حامد كارازي المؤقتة على المزارعين الفقراء مبلغ 500 دولار مقابل كل فدان (4 دونمات) لإتلاف الخشخاش بأنفسهم أو السماح للجرارات الحكومية بحراثة الحقول المزروعة . غير أن المزارعين طالبوا بأضعاف المبلغ المعروض عليهم لتغطية التكاليف التي تحملوها منذ السنة الماضية أي منذ الإطاحة بحكومة الطالبان البائدة بحملة عسكرية بزعامة أميركية. وكانت حكومة الطالبان قد نجحت في فرض منع زراعة الخشخاش . وحسب المسؤولين الأفغان أدت محاولات تنفيذ الخطة الحكومية الجديدة منذ مطلع نيسان إلى مقتل مسؤول حكومي وتسعة مزارعين في مواجهات منفصلة لها علاقة بالحملة. في لاشكار غاه، عاصمة مقاطعة هلمند المغبرة. يرقد المزارع عبدالحكيم في المستشفى حيث يعالج من جرح رصاصة أصابته في صدره . وقد أصابته قوى الأمن خلال مظاهرة قام بها مزارعو الخشخاش في كاجاك شمالي العاصمة الإقليمية . وقال عبدالحكيم : لقد أنفقنا مبالغ كبيرة على المحاصيل. الناس عملوا بكد وتعبوا وجاءت الحكومة لتحاول القضاء على محاصيلهم . وقد حاول عدة ألوف من المزارعين الزحف على مكاتب حاكم القضاء للاحتجاج على خطة الحكومة فيما يتعلق بالخشخاش، ورشقوا الجنود بالحجارة عندما حاول الجنود منعهم من التقدم وحطموا زجاج السيارات العسكرية . وأطلقت قوات الأمن النار في الهواء، ثم على المتظاهرين مما أدى إلى مقتل ثمانية مزارعين، حسب المسؤولين المحليين . وقال حكيم: إن المتظاهرين هتفوا شعار " الموت لأميركا" واتهموا الولاياتالمتحدة بالضغط على الحكومة الأفغانية لفرض منع زراعة الخشخاش . وتحث الأممالمتحدة وحكومات أجنبية الحكومة الأفغانية على القضاء على زراعة الخشخاش الذي هو مصدر معظم كميات الهيروين المتوافرة في أوروبا . أما المدمنون الأميركيون فيأتيهم معظم الهيروين من كولومبيا والمكسيك . في قرية آسازاي كيلي، كانت الزهور البراقة قد تساقطت مما يدل على أن أوان الجني قد حان . وهناك درنات عديدة تحمل علامات الجرح بأدوات حادة يستعملها المزارعون لحك سطحها . وتقع القرية في منطقة رملية حارة يبدأ الحصاد ابكر من مناطق هلمند الأخرى عادة وقد تم إغلاق سوق الأفيون في لاشكاغاه في كانون الثاني الماضي اثر الإعلان عن منع الحكومة زراعة الخشخاش. ولكن آغا يقول إن التجار بقوا في البلدة وهم يعملون في منازلهم وفي مواقع اكثر سرية . بعد جني المحاصيل يشتري التجار الأفيون وينقلونه عبر الصحراء على ظهور الجمال أو شاحنات البيك آب جنوبا إلى باكستان أو غربا إلى الأراضي الإيرانية، ويستبقى بعض الأفيون لاستعمال المدمنين المحليين فيما يتم تحويل الباقي إلى هيروين وشحنه الى أوروبا . وحسب التقديرات الأولية لدى الأممالمتحدة تبلغ المساحات المزروعة بالخشخاش في أفغانستان ما يزيد على000ر100 فدان مما يشير إلى صعوبة فرض المنع في بلاد مزقتها الحروب لأكثر من 20 سنة . وكانت حكومة الطالبان قد منعت زراعة الأفيون في عام 2000 ونجحت كثيراً في مسعاها عير أن حملة الغارات الأميركية حفزت المزارعين الذين لا يستطيعون كسب مداخيل كافية من المحاصيل البديلة كالحنطة والذرة والطماطم، عادوا بسرعة إلى زرع بذور الخشخاش .