تؤكد الدكتورة هالة ادريس (أخصائية نفسية) أن الضرب منتشر بين عدد كبير من الرجال.. موضحة أن المرأة التي تستسلم لعنف زوجها, تكون قبل الزواج قد عاشت في منزل يعتمد على العنف.. وتضيف: إذا كان الضرب هو لغة الحوار بين أبويها على سبيل المثال أو أحد أفراد أسرتها، فإنها تكون قد اعتادت عليه، ومن هنا نقول إن عملية التنشئة تلعب الدور الأكبر في حدوث العنف الأسري. التربية قبل الزواج كما ترى الدكتور إدريس ان من الأسباب الأخرى للعنف الأسري طريقة التربية التي تربى الفرد عليها، فالزوج الذي كان أهله عنيفين معه عند احتدام الخلاف معه، نجده يسقط ذلك على زوجته، وكذلك الزوجة التي كانت لغة الصراخ والسب والشتائم في أسرتها، نجدها تستثير الزوج، الأمر الذي قد يدفعه لتبرير ذلك باستخدام الضرب. وتتابع حديثها قائلة: هناك سبب ثالث يتمثل في شخصية كل من الزوجين. فكم من حالة تعاملت معها، سواء للأزواج أم الزوجات، كانت التركيبة الشخصية فيها متفاعلة مع الواقع الأسري قبل الزواج، وطريقة التربية التي جعلت منه شخصية عنيفة جسدياً، إن كانت تمتلك المقومات العضلية، أو عنيفة بلسانها عند احتدام المواقف.. وعليه يمكن تحديد السمات العامة لكل من الرجل، وغالباً ما يكون هو العنيف، وصفات المرأة، وغالباً ما تكون هي الضحية. التركيبة الشخصية للزوجين فصفات الرجل من وجهة نظر الدكتورة هالة هي: قلة تقدير الذات، اتكالي، لا يثق بالآخرين ولا بنفسه، غالباً ما يكون ضحية عنف في صغره، لديه صدمات وصعوبات نفسية، شبه معزول اجتماعياً ونفسياً عن الآخرين، وأخيراً حساس. أما صفات المرأة والحديث ما زال للدكتورة هالة فهي: شخصية سلبية ويسهل قيادتها، لا تؤمن بحقها بأن تُحترم، بل تعتقد أنها تستحق الضرب، بسبب جهلها وخطئها، ولذا فهي تستحق الضرب أحياناً، تلوم نفسها، وتحقّر ذاتها، لأنها تعتقد أنها سبب ثورة الرجل، تعتقد أن زوجها يضربها لكي تصبح أحسن، وأنه يحبها لذلك، تبرر عنف زوجها، وتحاول إخفاء بعض الكدمات، لحمايته، أملاً بصلاحه، شخصيتها اعتمادية، وتشعر الزوج باعتمادها عليه، وأنه مهما عمل فلن تتخلى عنه، لديها أمل كبير جداً في أنه سوف يتغير، تخشى الطلاق، لأنه زّلة أعظم من الضرب، اقتصادياً تعتمد على الغير، قليلة التقدير لذاتها، تعاني من اكتئاب وقلق. كما ترى الأخصائية النفسية ان العنف الأسري، بما فيه الزوجي, لا يقتصر على الجانب الجسماني فقط، وإنما قد يكون بأشكال وصور مختلفة، فهناك العنف النفسي والعاطفي، وهناك العنف غير اللفظي، وهناك العنف الاقتصادي، وغير ذلك. العنف ليس جسدياً فقط وتستشهد بالمثال التالي، لكي تثبت صحة وجهة نظرها: هناك من الأزواج من يرعب زوجته بالنظرة، وهناك من يسيطر عليها، عن طريق سلب راتبها، وبالمقابل هناك من الزوجات من تستخدم العنف تجاه زوجها، بسلب وتبذير ماله، والتحكم في علاقاته الاجتماعية، وعملية خروجه ودخوله، ومن هنا نخلص إلى القول بأن القوة والتحكم لا تقتصر على الجانب الجسدي، وإنما لها صور عدة وأشكال مختلفة. خطوات لمنع العنف وتقترح الدكتورة هالة القيام ببعض الأمور لوقف العنف بين الزوجين, قائلة: عند النقاش ليكن القانون هو محاولة تجنب الوصول لمرحلة الانفجار، أو العمليات المتمثلة بالضرب، عند الانفعال علينا أن نبتعد عن اتخاذ القرار، ولعل قرار رفع الصوت، أو استخدام اليد هو اللغة التي علينا الابتعاد عنها، في حالة امتداد اليد- لا قدر الله - فإن على الزوجين، خصوصاً الضحية الإمساك بيد البادئ، وتحذيره دون انفعال بعدم تكرار هذه العملية، على الزوجين تذكير أحدهما الآخر عند بروز بوادر الاستثارة، تجنباً لأمور لا يحمد عقباها، ليتعلم الزوجان فن الحوار والتفاهم، وإلا فعلى الأقل علهما ان يتعلما كيف يحصلان على طريقة انسحابية سليمة، خشية تفاقم الأمر. على الضحية غالباً ما تكون الزوجة عند الفشل في حل الخلاف، واستمرار الاعتداء عليها، اللجوء إلى شخص حكيم من أفراد أسرتها أو أسرته، لتصفية الأمر، كما ان عليها أن لا تستسلم، خاصة إذا كان العنف قاسياً (وأنا مسؤولة عن كلامي هذا)، لأن اليد إذا اعتدت بالعنف، ولم توقف، فإنها لن تستمر في المستقبل، إلا على جسد الضحية المستسلم. كما ان على الزوجة ألا تستثير الزوج، إذا علمت أنه يستخدم العنف، وإلا فلا تلومن إلا نفسها، وعليها احتواء الخلاف، باختيار أفضل الكلمات والأوقات لعرض وجهة نظرها، لا أن تستجوبه وكأنها في محاكمة عسكرية، على الزوجين عند مناقشة مشاكلهما الكبيرة الابتعاد عن وجود الأبناء، لأن أثر ذلك لهذا الجيل عندما يكبر ويؤسس أسرة جديدة، كذلك على الزوجة استثمار فترة هدوء العاصفة، بعد حادث العنف، الذي يتمثل غالباً فيما أسميه شهر عسل، أو أيام مصالحة، بتحديد شروطها، وأن تتفق معه على حدود العلاقة، وأسلوب حل الخلافات الأسرية، وأخيراً ليعلم الزوجان أن العنف مرفوض إنسانياً ودينياً، فإذا حصل عنف لا قدر الله فليرضى الآخر بنتيجة ما قد يترتب عليه ذلك.