لم تكن تعلم ايمان طلبة (12 عاماً) من خان يونس ان الجنود الإسرائيليين يتربصون بها حتى في مطبخ البيت وان رصاصاتهم لن ترحم براءتها. لقد اطلق جنود الاحتلال الاسرائيلي النار عليها وهي ترتدي زيها المدرسي لتغرق ببحر من دمائها الطاهرة ، لقد كان الرصاص أسرع من ايمان حيث حرمها من تناول رغيف الخبز المحشو بالجبنة، الذي سارعت الى المطبخ لتناوله بعد عودتها من مدرستها هكذا قالت امها التي انفطر قلبها على ابنتها. وقال الطفل يوسف طلبة ابن عم الطفلة الشهيدة والذي يسكن في نفس المنزل انه كان في الطابق الثالث من منزل عائلته بالقرب من مستوطنة جاني طال الواقعة غربي منطقة حي الأمل في خان يونس عندما سمع صوت إطلاق نار كثيف مصدره المواقع العسكرية في المستوطنة. وأضاف بعد لحظات من القصف سمعت صراخ وعويل من زوجة عمي مجدولين التي تسكن في الطابق الرابع فسارعت لأستطلع الأمر وعندما دخلت الشقة وجدت زوجة عمي تصرخ وهي واقعة على الأرض فيما كانت طفلتها إيمان 12 عاماً غارقة في دمائها داخل المطبخ المفتوح على الصالة المطلة على الجهة الغربية حيث تقع المواقع العسكرية في المستوطنة. وظهر التأثر والحزن على الطفل الذي كانت ملابسه لا تزال غارقة بدماء الطفلة للحظات لم أعرف ماذا أعمل ثم صرخت على أحد الشباب ليساعدني في حملها ولما لم يرد عليها غطيتها ببطانية وحملتها بين ذراعي ونزلت أجري كالمجنون على الدرج وفي الأسفل أخذها مني أحد الجيران وبدأ يجري بها في الشارع عدة أمتار حتى وصلت سيارة إسعاف ونقلتها إلى المستشفى ولكنها استشهدت بعد دقائق من إدخالها قسم الطوارئ. وفي مكان استشهاد الطفلة كانت الدماء لا تزال شاهدة على الجريمة فيما تبدو آثار الرصاصة التي اخترقت زجاج نافذة الصالة لتصيب الطفلة وهي داخل المطبخ حيث كانت تستعد لتناول طعام الغداء بعد عودتها من مدرسة زهرة في المخيم حيث تدرس في الصف السابع الأساسي. وحتى ساعتين بعد الحادثة كانت والدة الطفلة الشهيدة لا تزال في حالة انهيار عصبي بعدما شاهدت طفلتها تسقط مدرجة في دمائها أمام ناظريها حيث تم نقلها للمستشفى بعد إصابتها بحالة غيبوبة. وما أن استفاقت الأم ليعلمها الأطباء بأن طفلتها قد استشهدت، ولتبدأ هي موجة جديدة من البكاء الشديد بصورة جعلت دموعها تسيل من عينيها دون توقف، ولنتلمس نحن بعض كلماتها التي اختلطت بسيل جارف من الدموع، فقالت: دخلت إيمان الشقة وأسرعت نحو المطبخ بعد أن ألقت علي السلام، وما هي إلا دقائق حتى كان الرصاص يكسر زجاج صالون البيت، فذهبت نحو المكان ولم أجد شيئا سوى قطع الزجاج المتناثر. وأضافت مجدولين طلبة ( 38 عاماً ) ولكن ما أن أدرت جسمي للخلف حتى وجدت ابنتي على الأرض في ساحة المطبخ،ومنذ تلك اللحظة لم أعرف ما الذي حدث، حيث أغمي على بمجرد أن رأيت ابنتي غارقة في دمائها. إيمان لم تقترف جريمة أو ذنبا فقط جريمتها أن منزلها يقع مقابل أحد المواقع العسكرية المحيطة بمستوطنة (جني طال) اليهودية، وهي تسكن في الطابق الرابع من المنزل في مواجهة رصاص جنود الاحتلال الذي لا يرحم، وكان كذلك هذه المرة إذ اخترقت رصاصة واحدة فقط زجاج الصالون في منزل العائلة لتصل مباشرة إلى الطفلة فتدخل من مقدمة الرأس وتخرج من الخلف، مخلفة وراءها حكاية تدمى لها القلوب قبل أن تدمع من أجلها العيون وتعطي دليلا لا يتوقف على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين لاسيما الأطفال الذين أصبحوا في مقدمة الاستهداف. وبنظرات غضب تساءلت الأم، ما الذي اقترفته طفلتي الصغيرة حتى أفقدها هكذا في لحظة؟ ألا يعلم هؤلاء الجنود الذين أطلقوا الرصاص أن أطفالا يسكنون في هذه المنازل؟ ألا يشاهدونهم بأعينهم كل صباح وهم ذاهبون إلى مدارسهم؟ وتستدرك قائلة: لكن يبدو أن قتلنا بات عندهم روتينا يجب القيام به صباح مساء دون الشعور بأي مسئولية عن هذه الجرائم التي يقترفها جنود الاحتلال بحقنا.