توالت ردود الفعل على التحول السياسي الخطير في رؤية الادارة الامريكية لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي الذي عبر عنه امس الاول الرئيس الامريكي جورج بوش بشطبه حق العودة واعترافه بحق اسرائيل بالاحتفاظ بأراض فلسطينية. فقد استنكرت القيادة الفلسطينية التصريحات (تصريحات بوش) وطلبت اجتماعا عاجلا للجنة الرباعية مشيرة الى انه لا يمكن لاحد اتخاذ القرار نيابة عن الفلسطينيين فيما وجه عنان انتقادات حادة للرئيس الامريكي. وصرح وزير الخارجية الماليزي سيد حامد البار امس بأنه تلقى من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رسالة طالب فيها بعقد "اجتماع طارئ قبل موعده" لمنظمة المؤتمر الاسلامي لبحث التطورات الاخيرة في مسيرة سلام الشرق الاوسط. ونقلت وكالة الانباء الماليزية "برناما" عن الوزير أن عرفات أعرب في الرسالة التي سلمها السفير الفلسطيني لدى كوالالمبور أحمد الفرا عن رغبته في عقد القمة قبل الموعد المقرر لها أصلا في الرابع من مايو المقبل بماليزيا. وأشار البار الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمنظمة إلى أنه تلقى الرسالة بعد التطورات الاخيرة بشأن الصراع العربي الاسرائيلي. وبالرغم من ترحيب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بالخطط التي أعلنها نظيره الاسرائيلي ارييل شارون بشأن الانسحاب من قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية التي وصفها بأنها "خطوة مهمة" نحو تحقيق السلام في الشرق الاوسط، الا ان وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني نبيل شعث دعا الحكومة البريطانية الى ان "تفعل ما بوسعها" لدفع الرئيس الامريكي جورج بوش الى التراجع عن دعمه لخطة الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة. وقال شعث لاذاعة هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي): ادعو الحكومة البريطانية الى ان تفعل ما بوسعها لتغيير ما قيل امس الاول. وكانت القيادة الفلسطينية قد اعلنت في اجتماع طارىء عقدته الاربعاء انها في حالة انعقاد دائم لدراسة جميع الاحتمالات والخيارات بناء على ما وصفته ب(التطور الخطير في تاريخنا المعاصر) اثر تلقي القيادة الفلسطينية معلومات عن محتوى الاتفاق الذي يسعى شارون للوصول إليه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش. واوضحت القيادة الفلسطينية في بيان لها صدر في اعقاب اجتماع عاجل ان القيادة الفلسطينية تحذر من مخاطر التوصل إلى مثل هذا الاتفاق لأنه يعني بوضوح قاطع الإنهاء الكامل لعملية السلام وحسم القضايا التي كانت مطروحة على جدول أعمال مفاوضات الحل النهائي لصالح المفهوم الأكثر توسعية وعدوانية عند اليمين المتطرف الإسرائيلي وإنما سيؤدي ذلك إلى تدمير فرص عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وإطلاق دورة العنف فيها، وسينهي جميع الالتزامات والاتفاقيات الموقعة وفق ما يسعى إليه شارون وحكومته المتطرفة. اما في اسرائيل فقد وجدت تصريحات الرئيس الامريكي ترحيبا شديدا من قبل اليسار واليمين كما من المسؤولين والاعلام. واعتبرت الصحف الاسرائيلية جميعها تصريحات بوش بمثابة انتصار شخصي لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون يعود مسلحا به في مواجهة فضائحه المالية وخصومه السياسيين سواء داخل حزبه ام خارجه. وفيما التزمت الدول العربية الصمت حتى الآن فقد كان الرئيس المصري حسني مبارك اول مسؤول عربي يعلق على هذا التحول الخطير في السياسة الامريكية. وجاءت تعليقات مبارك مبهمة وخجولة اذ لم تتناول جوهر تصريحات بوش والوعود التي قدمها لاسرائيل. وشدد مبارك فقط على ضرورة ان تتحدث مع الفلسطينيين قبل الشروع في تنفيذ خطتها المثيرة للخلاف للانسحاب من قطاع غزة مع الاحتفاظ ببعض المستوطنات في الضفة الغربية. ولم يتحدث مبارك بشأن المستوطنات في الضفة الغربية المقامة على اراض يعتبرها الفلسطينيون ارضهم. اما الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان فقد كان اول مسؤول اممي يعلق على تصريحات بوش وكان اكثر وضوحا في موقفه من الرئيس المصري حيث وجه انتقادات حادة لهذه التصريحات وان كان لم يشر بالاسم للرئيس الامريكي. وقال المتحدث باسم الاممالمتحدة استيفاني ديواريتش إن التحول في السياسة الامريكية يرمي على ما يبدو إلى القفز على المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين، والتي تعتبر ضرورية لأي تسوية سلمية نهائية. وأضاف ان عنان ما زال يشدد على موقفه القائل بان التفاصيل التي ما زالت قيد البحث في اتفاق سلام الشرق الاوسط يجب أن تحسم في مفاوضات بين الاطراف استنادا إلى قرارات مجلس الامن ذات الصلة. وأوضح ديواريتش أن عنان يؤمن بقوة بأن الاسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يتجنبوا اتخاذ اي اجراءات قد تعيق أو تضر نتائج مثل هذه المحادثات. في غضون ذلك رفض الاتحاد الاوروبى امس احداث اى تغيير من جانب واحد فى الحدود الاسرائيلية الفلسطينية. وقال بريان كوين وزير خارجية ايرلندا فى بيان باسم رئاسة الاتحاد الاوروبى ان اوروبا لن تعترف بأي تغيير فى حدود الرابع من يونيو عام 1967 الا تلك التى تتفق عليها الاطراف. واضاف الوزير الايرلندى ان خارطة الطريق التى ترعاها الولاياتالمتحدةوالاممالمتحدة والاتحاد الاوروبى وروسيا تقر بأن اى تسوية للصراع الاسرائيلى الفلسطينى يجب ان تتضمن حلا متفقا عليه عادلا نزيها وواقعيا لقضية اللاجئين. وعقب لقائه مع القنصل الأمريكي في القدس ديفيد بيرث في مكتبه ببلدة أبو ديس المجاورة أمس، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع الدول العربية الى اتخاذ موقف واضح إزاء تصريحات بوش. وقال: حبذا لو تكون هناك قمة عربية مهمة جدا لتحاول ان تجيب عن كل هذه التساؤلات، ارجو ان يكون الموقف العربي قادرا على التعبير عن نفسه وعن مصالح الامة العربية في هذه المرحلة بالذات. واضاف قريع: انها المرة الاولى التي يتم فيها التعرض للقضية الفلسطينية بهذا الشكل، القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم بل قضية المنطقة كلها، والعالم العربي، والعالم الاسلامي. واوضح قريع ان لقاءه مع الدبلوماسي الاميركي كان للاستماع الى شروحاته والاستماع الى شروحاتنا والى آلامنا. تكلمنا بصراحة وقيمنا الوضع ولم تكن جلسة لطمأنة امريكية جديدة او طرح آراء جديدة. وتابع قائلا: عبرنا للامريكيين عن خيبة املنا من تصريحات يوم امس ونعتقد انها المرة الاولى في التاريخ التي تعالج فيها مسألة حق عودة اللاجئين من قبل الولاياتالمتحدة قبل بدء مفاوضات الحل النهائي. واضاف المسؤول الفلسطيني: انها المرة الاولى التي تعتبر فيها حدود عام 1967 غير واقعية مع ان كل دول العالم اعترفت بها وكذلك مجلس الامن عبر القرارين 242 و338. إن كل واحد فينا يتساءل: اذا كانت هذه الحدود غير واقعية فما الواقعي؟ هل الجدار واقعي ام ان المستوطنات هي الواقعية؟. ونددت جامعة الدول العربية أمس بدعم الرئيس الامريكي لخطة الاجلاء الاسرائيلية من غزة مع الحفاظ على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وقال المستشار حسام زكي المتحدث الرسمي باسم الامين العام لجامعة الدول العربية في تصريحات: ان قيام دولة بمفردها باسقاط لحقوق اقرها القانون الدولي امر غير مقبول ويؤسف له، مشددا على عدم حق اي دولة ان تتصرف مثل هذا التصرف لانها ليست صاحبة الحق في المقام الاول حتى يمكنها ان تتراجع عنه. واعتبر المتحدث انه سيكون هناك تحرك في الايام المقبلة لكيفية مواجهة هذا الموقف الامريكي الجديد والمؤسف بعد تصريحات الرئيس الامريكي. كما وصف الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى تصريحات بوش بأنها تطور جلل وسلبي ومؤسف للغاية. وقال في تصريح صحافي في ختام زيارة للدوحة للتشاور حول القمة العربية المقبلة التي قال: انها يفترض ان تعقد في مايو في تونس، هذا تطور جلل وسلبي ومؤسف للغاية لانه يلغي كافة المرجعيات (قرارات الأممالمتحدة). واضاف لابد للقمة ان تناقش، هذه التصريحات. شارون حقق مبتغاه فلسطينية من ضحايا التهجير الاسرائيلي